دفعت إليكم هذه الأموال على أن تعملوها وتكون ثمارها بيننا وبينكم، فأقركم ما أقركم الله ".
فقبلوا وكانوا على ذلك يعملونها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث عبد الله ابن رواحة فيقسم ثمرها ويعدل عليهم في الخرص.
فلما توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم أقرها أبو بكر بأيديهم على المعاملة التي عاملهم عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفى، ثم أقرهم عمر بن الخطاب صدرا من إمارته، ثم بلغ عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في وجعه الذي قبضه الله فيه:
لا يجتمعن بجزيرة العرب دينان " ففحص عمر عن ذلك حتى بلغه الثبت، فأرسل إلى يهود فقال: إن الله أذن لي في إجلائكم. وقد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يجتمعن في جزيرة العرب دينان " فمن كان عنده عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم فليأتني به أنفذه له، ومن لم يكن عنده عهد فليتجهز للجلاء. فأجلى عمر من لم يكن عنده عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت: قد ادعى يهود خيبر في أزمان متأخرة بعد الثلاثمائة أن بأيديهم كتابا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه أنه وضع الجزية عنهم.
وقد اغتر بهذا الكتاب بعض العلماء حتى قال بإسقاط الجزية عنهم، من الشافعية الشيخ أبو على بن خيرون، وهو كتاب مزور [مكذوب مفتعل لا أصل له، وقد بينت بطلانه من وجوه عديدة في كتاب مفرد] (1) وقد تعرض لذكره وإبطاله جماعة من الأصحاب في كتبهم كابن الصباغ في مسائله، والشيخ أبي حامد في تعليقته، وصنف فيه ابن المسلمة جزءا منفردا للرد عليه، وقد تحركوا به بعد السبعمائة وأظهروا كتابا فيه نسخة ما ذكره الأصحاب في كتبهم، وقد وقفت عليه فإذا هو مكذوب، فإن فيه شهادة سعد بن معاذ، وقد كان مات قبل زمن