فكانت هذه الأموال لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة، وكان يعزل منها نفقة أهله لسنة، ثم يجعل ما بقى مجعل مال الله يصرفه في الكراع والسلاح ومصالح المسلمين.
فلما مات صلوات الله وسلامه عليه اعتقدت فاطمة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم - أو أكثرهن - أن هذه الأراضي تكون موروثة عنه، ولم يبلغهن ما ثبت عنه من قوله صلى الله عليه وسلم: " نحن معشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه فهو صدقة ".
ولما طلبت فاطمة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم والعباس نصيبهم من ذلك وسألوا الصديق أن يسلمه إليهم، ذكر لهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا نورث ما تركنا صدقة " وقال: أنا أعول من كان يعول رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي.
وصدق رضي الله عنه وأرضاه، فإنه البار الراشد في ذلك التابع للحق.
وطلب العباس وعلي على لسان فاطمة، إذ قد فاتهم الميراث، أن ينظرا في هذه الصدقة وأن يصرفا ذلك في المصارف التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصرفها فيها، فأبى عليهم الصديق ذلك، ورأى أن حقا عليه أن يقوم فيما كان يقوم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وألا يخرج من مسلكه ولا عن سننه.
فتغضبت فاطمة رضي الله عنها عليه في ذلك ووجدت في نفسها بعض الموجدة.
ولم يكن لها ذلك، والصديق من قد عرفت هي والمسلمون محله ومنزلته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيامه في نصرة النبي صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد وفاته، فجزاه الله عن نبيه وعن الاسلام وأهله خيرا.
وتوفيت فاطمة رضي الله عنها بعد ستة أشهر ثم جدد علي البيعة بعد ذلك، فلما كان أيام عمر بن الخطاب سألوه أن يفوض أمر هذه الصدقة إلى علي والعباس، وثقلوا