قالوا: فاعتقد الراوي أن قوله خيبر ظرف للمنهى عنهما، وليس كذلك إنما هو ظرف للنهي عن لحوم الحمر، فأما نكاح المتعة فلم يذكر له ظرفا، وإنما جمعه معه لان عليا رضي الله عنه بلغه أن ابن عباس أباح نكاح المتعة ولحوم الحمر الأهلية كما هو المشهور عنه، فقال له أمير المؤمنين علي: إنك امرؤ تائه، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح المتعة ولحوم الحمر الأهلية يوم خيبر.
فجمع له النهي ليرجع عما كان يعتقده في ذلك من الإباحة.
وإلى هذا التقرير كان ميل شيخنا الحافظ أبي الحجاج المزي تغمده الله برحمته آمين.
ومع هذا ما رجع ابن عباس عما كان يذهب [إليه] من [إباحة] الحمر والمتعة.
أما النهي عن الحمر فتأوله بأنها كانت حمولتهم، وأما المتعة فإنما كان يبيحها عند الضرورة في الاسفار، وحمل النهي على ذلك في حال الرفاهية والوجدان، وقد تبعه على ذلك طائفة من أصحابه وأتباعهم، ولم يزل ذلك مشهورا عن علماء الحجاز إلى زمن ابن جريج وبعده.
وقد حكى عن الإمام أحمد بن حنبل رواية كمذهب ابن عباس، وهي ضعيفة.
وحاول بعض من صنف في الحلال نقل رواية عن الامام بمثل ذلك. ولا يصح أيضا والله أعلم. وموضع تحرير ذلك في كتاب الأحكام. وبالله المستعان.
* * * قال ابن إسحاق: ثم جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتدنى الحصون والأموال.
فحدثني عبد الله بن أبي بكر، أنه حدثه بعض من أسلم (1) أن بني سهم من أسلم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله لقد جهدنا وما بأيدينا شئ فلم يجدوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا يعطيهم إياه، فقال: " اللهم إنك قد عرفت حالهم وأن ليست لهم قوة وأن ليس بيدي شئ أعطيهم إياه، فافتح عليهم أعظم حصونها عنهم غناء (2)