يعني يرده (1) إلى قريش، وجعل أبو جندل يصرخ بأعلى صوته: يا معشر المسلمين أرد إلى المشركين يفتنونني في ديني.
فزاد ذلك الناس إلى ما بهم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أبا جندل اصبر واحتسب، فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا. إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحا وأعطيناهم على ذلك وأعطونا عهد الله، وإنا لا نغدر بهم ".
قال: فوثب عمر بن الخطاب مع أبي جندل يمشي إلى جنبه ويقول: اصبر أبا جندل، فإنما هم المشركون وإنما دم أحدهم دم كلب. قال: ويدنى قائم السيف منه.
قال: يقول عمر: رجوت أن يأخذ السيف فيضرب أباه! قال: فضن الرجل بأبيه، ونفذت القضية.
فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكتاب اشهد على الصلح رجالا من المسلمين ورجالا من المشركين: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعبد الرحمن ابن عوف، و عبد الله بن سهيل بن عمرو، وسعد بن أبي وقاص، ومحمود بن مسلمة ومكرز بن حفص، وهو يومئذ مشرك، وعلي بن أبي طالب، وكتب، وكان هو كاتب الصحيفة.
* * * وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطربا في الحل (2)، وكان يصلي في الحرم، فما فرغ من الصلح قام إلى هديه فنحره، ثم جلس فحلق رأسه، وكان الذي حلقه في ذلك اليوم خراش بن أمية بن الفضل الخزاعي، فلما رأى الناس أن رسول الله وسلم قد نحر وحلق تواثبوا ينحرون ويحلقون.