قال: ثم بعثوا إليه مكرز بن حفص بن الأخيف أخا بني عامر بن لؤي، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا قال: هذا رجل غادر. فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلمه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوا مما قال لبديل وأصحابه، فرجع إلى قريش فأخبرهم بما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم بعثوا بحليس بن علقمة أو ابن زبان وكان يومئذ سيد الأحابيش، وهو أحد بني الحارث بن عبد مناة بن كنانة، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن هذا من قوم يتألهون فابعثوا الهدى في وجهه حتى يراه. فلما رأى الهدى يسيل عليه من عرض الوادي في قلائده قد أكل أوباره من طول الحبس عن محله رجع إلى قريش ولم يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إعظاما لما رأى، فقال لهم ذلك. قال: فقالوا له: اجلس فإنما أنت أعرابي لا علم لك.
قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن أبي بكر أن الحليس غضب عند ذلك وقال:
يا معشر قريش والله ما على هذا حالفناكم ولا على هذا عاهدناكم، أيصد عن بيت الله من جاءه معظما له؟ والذي نفس الحليس بيده لتخلن بين محمد وبين ما جاء له أو لأنفرن بالأحابيش نفرة رجل واحد. قالوا: مه كف عنا حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى به.
* * * قال الزهري في حديثه: ثم بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عروة بن مسعود الثقفي فقال: يا معشر قريش إني قد رأيت ما يلقى منكم من بعثتموه إلى محمد إذ جاءكم من التعنيف وسوء اللفظ، وقد عرفتم أنكم والد وأني ولد، وكان عروة لسبيعة بنت عبد شمس، وقد سمعت بالذي نابكم فجمعت من أطاعني من قومي ثم جئتكم حتى آسيتكم بنفسي. قالوا: صدقت ما أنت عندنا بمتهم.