وأتبعته سهما آخر فعلق به سهمان، ويخلفون فرسين فجئت بهما أسوقهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على الماء الذي أجليتهم عنه، ذو قرد، وإذا بنبي الله صلى الله عليه وسلم في خمسمائة، وإذا بلال قد نحر جزورا مما خلفت فهو يشوي لرسول الله صلى الله عليه وسلم من كبدها وسنامها.
فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله خلني فانتخب من أصحابك مائة فآخذها على الكفار بالعشوة فلا يبقى منهم مخبر إلا قتلته. فقال: أكنت فاعلا ذلك يا سلمة؟ قال: قلت: نعم والذي أكرمك. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رأيت نواجذه في ضوء النار، ثم قال: إنهم يقرون الآن بأرض غطفان. فجاء رجل من غطفان فقال: مروا على فلان الغطفاني فنحر لهم جزورا، فلما أخذوا يكشطون جلدها رأوا غبرة فتركوها وخرجوا هرابا.
فلما أصبحنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير فرساننا أبو قتادة، وخير رجالتنا سلمة. فأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم الفارس والراجل جميعا، ثم أردفني وراءه على العضباء راجعين إلى المدينة.
فلما كان بيننا وبينها قريب من ضحوة، وفي القوم رجل من الأنصار كان لا يسبق جعل ينادي: هل من مسابق، ألا رجل يسابق إلى المدينة؟ فأعاد ذلك مرارا وأنا وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم مرد في، فقلت له: أما تكرم كريما ولا تهاب شريفا؟
قال: لا، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: قلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي خلني فلأسابق الرجل. قال: إن شئت. قلت: أذهب إليك. فطفر عن راحلته وثنيت رجلي فطفرت عن الناقة، ثم إني ربطت عليه شرفا أو شرفين، يعني استبقيت من نفسي، ثم إني عدوت حتى ألحقه فأصك بين كتفيه بيدي قلت: سبقتك والله. أو كلمة نحوها. قال: فضحك وقال: إن أظن. حتى قدمنا المدينة.