ومعها جديها فوثب إليها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الجدي من ورائها فذبح الجدي، وعمدت المرأة إلى طحينة لها فعجنتها وخبزت فأدركت القدر فثردت قصعتها فقربتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبعه فيها وقال: بسم الله اللهم بارك فيها اطعموا. فأكلوا منها حتى صدروا ولم يأكلوا منها إلا ثلثها وبقى ثلثاها. فسرح أولئك العشرة الذين كانوا معه أن اذهبوا وسرحوا إلينا بعدتكم. فذهبوا فجاء أولئك العشرة فأكلوا منها حتى شبعوا، ثم قام ودعا لربة البيت وسمت (1) عليها وعلى أهل بيتها، ثم مشوا إلى الخندق فقال: اذهبوا بنا إلى سلمان، وإذا صخرة بين يديه قد ضعف عنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوني فأكون أول من ضربها. فقال: بسم الله. فضربها فوقعت فلقة ثلثها فقال: الله أكبر قصور الشام ورب الكعبة، ثم ضرب أخرى فوقعت فلقة فقال: الله أكبر قصور فارس ورب الكعبة.
فقال عندها المنافقون: نحن نخندق على أنفسنا وهو يعدنا قصور فارس والروم.
ثم قال الحافظ البيهقي: أخبرنا على بن أحمد بن عبدان، أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار، حدثنا محمد بن غالب بن حرب، حدثنا هوذة، حدثنا عوف، عن ميمون بن أستاذ الزهري، حدثني البراء بن عازب الأنصاري، قال: لما كان حين أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق عرض لنا في بعض الخندق صخرة عظيمة شديدة لا تأخذ فيها المعاول، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآها أخذ المعول وقال:
بسم الله وضرب ضربة فكسر ثلثها وقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام والله إني لأبصر قصورها الحمر إن شاء الله، ثم ضرب الثانية فقطع ثلثا آخر فقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس والله إني لأبصر قصر المدائن الأبيض، ثم ضرب الثالثة فقال:
بسم الله فقطع بقية الحجر فقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن. والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني الساعة.