وذكر عروة وموسى بن عقبة أنهم لما رفعوا خبيبا على الخشبة نادوه يناشدونه:
أتحب أن محمدا مكانك؟
قال: لا والله العظيم ما أحب أن يفديني بشوكة يشاكها في قدمه! فضحكوا منه.
وهذا ذكره ابن إسحاق في قصة زيد بن الدثنة. فالله أعلم.
قال موسى بن عقبة: زعموا أن عمرو بن أمية دفن خبيبا.
قال ابن إسحاق: وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه عباد، عن عقبة بن الحارث، قال: سمعته يقول: والله ما أنا قتلت خبيبا، لأنا كنت أصغر من ذلك، ولكن أبا ميسرة أخا بني عبد الدار أخذ الحربة فجعلها في يدي، ثم أخذ بيدي وبالحربة ثم طعنه بها حتى قتله.
قال ابن إسحاق: وحدثني بعض أصحابنا قال: كان عمر بن الخطاب استعمل سعيد ابن عامر بن حذيم الجمحي على بعض الشام، فكانت تصيبه غشية وهو بين ظهري القوم، فذكر ذلك لعمر وقيل: إن الرجل مصاب، فسأله عمر في قدمة قدمها عليه فقال:
يا سعيد ما هذا الذي يصيبك؟ فقال: والله يا أمير المؤمنين ما بي ما بأس، ولكني كنت فيمن حضر خبيب بن عدي حين قتل، وسمعت دعوته، فوالله ما خطرت على قلبي وأنا في مجلس قط إلا غشي على! فزادته عند عمر خيرا.
وقد قال الأموي: حدثني أبي قال: قال ابن إسحاق: وبلغنا أن عمر قال: من سره أن ينظر إلى رجل نسيج وحده فلينظر إلى سعيد بن عامر.
قال ابن هشام: أقام خبيب في أيديهم حتى انسلخت الأشهر الحرم ثم قتلوه.
وقد روى البيهقي من طريق إبراهيم بن إسماعيل، حدثني جعفر بن عمرو بن أمية، عن أبيه، عن جده عمرو بن أمية، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بعثه عينا وحده قال: جئت إلى خشبة خبيب فرقيت فيها وأنا أتخوف العيون، فأطلقته فوقع إلى الأرض