بلغنا أن الله تعالى بعث محمدا رسولا على رأس خمسين سنة من بناء الكعبة.
وكان أول شئ اختصه به من النبوة والكرامة رؤيا كان يراها، فقص ذلك على زوجته خديجة بنت خويلد فقالت له: أبشر فوالله لا يفعل الله بك إلا خيرا.
فبينما هو ذات يوم في حراء، وكان يفر إليه من قومه، إذ نزل عليه جبريل، فدنا منه، فخافه رسول الله صلى الله عليه وسلم مخافة شديدة، فوضع جبريل يده على صدره ومن خلفه بين كتفيه، فقال: اللهم احطط وزره، واشرح صدره، وطهر قلبه، يا محمد أبشر! فإنك نبي هذه الأمة، اقرأ. فقال له نبي الله: وهو خائف يرعد:
ما قرأت كتابا قط ولا أحسنه، وما أكتب وما أقرأ.
فأخذه جبريل فغته غتا شديدا ثم تركه، ثم قال له: اقرأ. فأعاد عليه مثله.
فأجلسه على بساط كهيئة الدرنوك فرأى فيه من صفائه وحسنه كهيئة اللؤلؤ والياقوت وقال له: " اقرأ باسم ربك الذي خلق " الآيات، ثم قال له: لا تخف يا محمد، إنك رسول الله.
ثم انصرف، وأقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم همه، فقال: كيف أصنع وكيف أقول لقومي؟!
ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو خائف، فأتاه جبريل من أمامه وهو في صعرته (1)، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرا عظيما ملا صدره، فقال له جبريل:
لا تخف يا محمد، جبريل رسول الله، جبريل رسول الله إلى أنبيائه ورسله، فأيقن بكرامة الله فإنك رسول الله.
فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمر على شجر ولا حجر إلا هو ساجد