يقول: السلام عليك يا رسول الله. فاطمأنت نفسه وعرف كرامة الله إياه. فلما انتهى إلى زوجته خديجة أبصرت ما بوجهه من تغير لونه، فأفزعها ذلك، فقامت إليه، فلما دنت منه جعلت تمسح عن وجهه وتقول: لعلك لبعض ما كنت ترى وتسمع قبل اليوم.
فقال: يا خديجة أرأيت الذي كنت أرى في المنام والصوت الذي كنت أسمع في اليقظة وأهال منه؟ فإنه جبريل قد استعلن لي وكلمني وأقرأني كلاما فزعت منه، ثم عاد إلى فأخبرني أنى نبي هذه الأمة، فأقبلت راجعا فأقبلت على شجر وحجارة فقلن: السلام عليك يا رسول الله.
فقالت خديجة: أبشر فوالله لقد كنت أعلم أن الله لن يفعل بك إلا خيرا، وأشهد أنك نبي هذه الأمة الذي تنتظره اليهود، قد أخبرني به ناصح غلامي وبحيرى الراهب، وأمرني أن أتزوجك منذ أكثر من عشرين سنة. فلم تزل برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طعم وشرب وضحك.
ثم خرجت إلى الراهب وكان قريبا من مكة فلما دنت منه وعرفها، قال: مالك يا سيدة نساء قريش؟ فقالت: أقبلت إليك لتخبرني عن جبريل.
فقال: سبحان الله ربنا القدوس! ما بال جبريل يذكر في هذه البلاد التي يعبد أهلها الأوثان؟! جبريل أمين الله ورسوله إلى أنبيائه ورسله وهو صاحب موسى وعيسى.
فعرفت كرامة الله لمحمد.
ثم أتت عبدا لعتبة بن ربيعة يقال له عداس، فسألته فأخبرها بمثل ما أخبرها به الراهب وأزيد، قال: جبريل كان مع موسى حين أغرق الله فرعون