وعبيد الله بن جحش، فتنصروا كلهم، لأنهم وجدوه أقرب الأديان إذ ذاك إلى الحق.
إلا زيد بن عمرو بن نفيل فإنه رأى فيه دخلا وتخبيطا وتبديلا وتحريفا وتأويلا، فأبت فطرته الدخول فيه أيضا، وبشره الأحبار والرهبان بوجود نبي قد أزف زمانه واقترب أوانه.
فرجع يتطلب ذلك، واستمر على فطرته وتوحيده. لكن اخترمته المنية قبل البعثة المحمدية.
وأدركها ورقة بن نوفل وكان يتوسمها في رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قدمنا، بما كانت خديجة تنعته له وتصفه له، وما هو منطو عليه من الصفات الطاهرة الجميلة وما ظهر عليه من الدلائل والآيات.
ولهذا لما وقع ما وقع أخذت بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءت به إليه، فوقفت به عليه وقالت: ابن عم، اسمع من ابن أخيك. فلما قص عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى، قال ورقة: سبوح سبوح، هذا الناموس الذي أنزل على موسى.
ولم يذكر عيسى وإن كان متأخرا بعد موسى، لأنه كانت شريعته متممة ومكملة لشريعة موسى عليهما السلام، ونسخت بعضها على الصحيح من قول العلماء. كما قال ﴿ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم﴾ (1) وقول ورقة هذا كما قالت الجن: (يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدى إلى الحق وإلى طريق مستقيم) (2).
ثم قال ورقة: " يا ليتني فيها جذعا " أي يا ليتني أكون اليوم شابا متمكنا من الايمان والعلم النافع والعمل الصالح.