قال ابن شهاب: وأخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، أن جابر بن عبد الله الأنصاري قال - وهو يحدث عن فترة الوحي - فقال في حديثه: " بينا أنا أمشى إذ سمعت صوتا من السماء، فرفعت بصري فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض: فرعبت منه، فرجعت فقلت: زملوني، زملوني. فأنزل الله " يا أيها المدثر، قم فأنذر، وربك فكبر، وثيابك فطهر، والرجز فاهجر " فحمى الوحي وتتابع.
ثم قال البخاري: تابعه عبد الله بن يوسف، وأبو صالح، يعنى عن الليث، وتابعه هلال ابن رداد (1) عن الزهري. وقال يونس ومعمر: - بوادره (2).
وهذا الحديث قد رواه الامام البخاري رحمه الله في كتابه في مواضع منه، وتكلمنا عليه مطولا في أول شرح البخاري في كتاب بدء الوحي إسنادا ومتنا ولله الحمد والمنة.
وأخرجه مسلم في صحيحه من حديث الليث به، ومن طريق يونس ومعمر عن الزهري كما علقه البخاري عنهما، وقد رمزنا في الحواشي على زيادات مسلم ورواياته، ولله الحمد، وانتهى سياقه إلى قول ورقة: أنصرك نصرا مؤزرا.
فقول أم المؤمنين عائشة " أول ما بدئ به من الوحي الرؤيا الصادقة فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح " يقوى ما ذكره محمد بن إسحاق بن يسار عن عبيد بن عمير الليثي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " فجاءني جبريل وأنا نائم بنمط من ديباج فيه كتاب. فقال: اقرأ، فقلت: ما أقرأ؟ فغتني، حتى ظننت أنه الموت، ثم أرسلني " وذكر نحو حديث عائشة سواء.
فكان هذا كالتوطئة لما يأتي بعده من اليقظة، وقد جاء مصرحا بهذا في مغازي موسى بن عقبة عن الزهري، أنه رأى ذلك في المنام، ثم جاءه الملك في اليقظة.
وقد قال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني: في كتابه " دلائل النبوة ": حدثنا محمد بن أحمد