صاحب دنيا ونعيم مخلج، يتشاوره معاشره وذووه، ينهضون إليه يخلعونه يأخذ الملك ويقتلونه، ثم يلي أمره من بعده السابع، يترك الملك محلا ضائع، بنوه في ملكه كالمشوه جامع، عند ذلك يطمع في الملك كل عريان، ويلي أمره اللهفان. يرضى نزارا جمع قحطان، إذا التقيا بدمشق جمعان بين بنيان ولبنان، يصنف اليمن يومئذ صنفان: صنف المشورة، وصنف المخذول. لا ترى إلا حباء محلول. وأسيرا مغلول، بين القراب والخيول. عند ذلك تخرب المنازل وتسلب الأرامل، وتسقط الحوامل، وتظهر الزلازل، وتطلب الخلافة وائل، فتغضب نزار، فتدنى العبيد والأشرار، وتقصى الأمثال والأخيار.
وتغلو الأسعار في صفر الأصفار يقتل كل حيا منه، ثم يسيرون إلى خنادق وإنها ذات أشعار وأشجار تصد له الأنهار ويهزمهم أول النهار، تظهر الأخيار فلا ينفعهم نوم ولا قرار. حتى يدخل مصرا من الأمصار، فيدركه القضاء والاقدار. ثم يجئ الرماة تلف مشاة، لقتل الكماة، وأسر الحماة. وتهلك الغواة، هنالك يدرك في أعلى المياه. ثم يبور الدين، وتقلب الأمور، وتكفر الزبور، وتقطع الجسور، فلا يفلت إلا من كان في جزائر البحور، ثم تبور الحبوب، وتظهر الأعاريب، ليس فيهم معيب، على أهل الفسوق والريب، في زمان عصيب، لو كان للقوم حيا، وما تغنى المنى.
قالوا: ثم ماذا يا سطيح؟ قال: ثم يظهر رجل من أهل اليمن كالشطن، يذهب الله على رأسه الفتن.
وهذا أثر غريب كتبناه لغرابته وما تضمن من الفتن والملاحم (1).
وقد تقدم قصة شق وسطيح مع ربيعة بن نصر ملك اليمن، وكيف بشر بوجود رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك تقدم قصة سطيح مع ابن أخته عبد المسيح، حين أرسله ملك بنى ساسان، لارتجاس الايوان، وخمود النيران، ورؤيا الموبذان. وذلك ليلة مولد الذي نسخ بشريعته سائر الأديان.