مزدلفة وقد أردف الفضل بن عباس وانطلق أسامة على رجليه في سباق قريش وهنالك سألت الخثعمية النبي عليه السلام الحج عن أبيها الذي لا يطيق الحج فأمرها أن تحج عنه وجعل عليه السلام يصرف بيده وجه الفضل بن عباس عن النظر إليها والى النساء وكان الفضل أبيض وسيما وسأله أيضا عليه السلام رجل عن مثل ما سألت الخثعمية فأمر عليه السلام بذلك ونهض عليه السلام يريد منى فلما أتى بطن محسر حرك ناقته قليلا وسلك عليه السلام الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى حتى أتى منى فأتى الجمرة التي عند الشجرة وهى جمرة العقبة فرماها عليه السلام من أسفلها بعد طلوع الشمس من اليوم المؤرخ بحصى التقطها له عبد الله ابن عباس من موقفه الذي رمى فيه مثل حصى الخذف وأمر بمثلها ونهى عن أكبر منها وعن الغلو في الدين فرماها عليه السلام وهو على راحلته بسبع حصيات كما ذكرنا يكبر مع كل حصاة منها وحينئذ قطع عليه السلام التلبية ولم يزل يلبى حتى رمى جمرة العقبة التي ذكرنا ورماها عليه السلام راكبا وبلال وأسامة أحدهما يمسك بخطام ناقته عليه السلام والآخر يظله بثوبه من الحر. وخطب عليه السلام الناس في اليوم المذكور وهو يوم النحر بمنى خطبة كررها أيضا فيها تحريم الدماء والأموال والاعراض والابشار وأعلمهم عليه السلام فيها بتحريم يوم النحر وحرمة مكة على جميع البلاد وأمر بالسمع والطاعة لمن قام بكتاب الله عز وجل وأمر الناس بأخذ مناسكهم فلعله لا يحج بعد عامه ذلك وعلمهم مناسكهم وأنزل المهاجرين والأنصار والناس منازلهم وأمر أن لا يرجعوا بعده كفارا ولا يرجعوا بعده ضلالا يضرب بعضهم رقاب بعض وأمر بالتبليغ عنه وأخبر بأن رب مبلغ أوعى من سلمع ثم انصرف عليه السلام إلى المنحر بمنى فنحر ثلاثا وستين بدنة ثم أمر عليها فنحر ما بقى منها مما كان على أتى به من اليمن مع ما كان عليه السلام
(٣٤٧)