ودهبت الصفرة أردف أسامة بن زيد خلفه ودفع عليه السلام وقد ضم زمام القصواء ناقته حتى أن رأسها ليصيب طرف رحله ثم مضى يسير العنق فإذا وجد فجوة نص - وكلاهما ضرب من السير والنص آ كد هما والفجوة الفسحة من الناس - كلما أتى ربوة من تلك الروابي أرخى للناقة زمامها قليلا حتى يصعدها وهو عليه السلام يأمر الناس بالسكينة في السير. فلما كان في الطريق عند الشعب الأيسر نزل عليه السلام فيه فبال وتوضأ وضوءا خفيفا وقال لأسامة المصلى أمامك. أو كلاما هذا معناه ثم ركب حتى أتى المزدلفة ليلة السبت العاشر من ذي الحجة فتوضأ ثم صلى بها المغرب والعشاء الآخرة مجموعتين في وقت العشاء الآخرة دون خطبة لكن بأذان واحد لهما معا وبإقامتين لكل صلاة منهما إقامة ولم يصل بينهما شيئا ثم اضطجع عليه السلام بها حتى طلع الفجر فقام وصلى الفجر بالناس بمزدلفة يوم السبت المذكور وهو يوم النحر وهو يوم الأضحى وهو يوم العيد وهو يوم الحج الأكبر مغلسا أول انصداع الفجر. وهناك سأله عروة بن مضرس الطائي وقد ذكر له عمله أله حج فقال له عليه السلام إن من أدرك الصلاة يعنى صلاة الصبح بمزدلفة في ذلك اليوم مع الناس فقد أدرك الحج وإلا فلم يدركه واستأذنته سودة وأم حبيبة في أن يدفعا من مزدلفة ليلا فأذن لهما ولام سلمة في ذلك وهن أمهات المؤمنين رضى الله عنهن وأذن أيضا عليه السلام للنساء والضعفاء في ذلك بعد وقوف جمعهم بمزدلفة وذكر هم الله تعالى بها. إلا أنه عليه السلام أذن للنساء في الرمي بليل ولم يأذن للرجال في ذلك لا لضعفائهم ولا لغير ضعفائهم وكان ذلك اليوم يوم كونه عليه السلام عند أم سلمة فلما صلى عليه السلام الصبح كما ذكرنا بمزدلفة أتى المشعر الحرام بها فاستقبل القبلة فدعا الله عز وجل وكبر وهلل ووحد ولم يزل واقفا بها حتى أسفر جدا وقبل أن تطلع الشمس فدفع عليه السلام حينئذ من
(٣٤٦)