الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة من ليلة الأربعاء الرابع عشر من ذي الحجة وبات بها ليلة الأربعاء المذكورة ورقد رقدة. ولما كان يوم النحر ويوم النفر رغبت إليه عائشة بعد أن طهرت أن يعمرها عمرة مفردة فأخبرها عليه السلام انها قد حلت من حجها وعمرتها وأن طوافها يكفيها ويجزئها لحجها وعمرتها فأبت إلا أن تعمر عمرة مفردة فقال لها ألم تسكونى طفت ليالي قدمت قالت لا فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر أخاها أن يردفها ويعمرها من التنعيم ففعلا ذلك وانتظرها عليه السلام بأعلى مكة حتى انصرفت من عمرتها تلك وقال لها هذه مكان عمرتك وأمر الناس أن لا ينصرفوا حتى يكون آخر عهدهم الطواف بالبيت ورخص في ترك ذلك للحائض التي قد طافت طواف الإفاضة قبل حيضها. ثم أنه عليه السلام دخل مكة في الليل من ليلة الأربعاء المذكورة فطاف بالبيت طواف الوداع لم يرمل في شئ منه سحرا قبل صلاة الصبح من يوم الأربعاء المذكور ثم خرج من كدى أسفل مكة من الثنية السفلى والتقى بعائشة رضي الله عنها وهو ناهض إلى الطواف المذكور وهى راجعة من تلك العمرة التي ذكرنا ثم رجع عليه السلام وأمر بالرحيل ومضى عليه السلام من فوره راجعا إلى المدينة وخرج من مكة من الثنية السفلى فكانت مدة اقامته عليه السلام بمكة منذ دخلها إلى أن خرج منها إلى منى إلى عرفة إلى مزدلفة إلى منى إلى المحصب إلى أن وجه راجعا عشرة أيام فلما أتى ذا الحليفة بات بها فلما رأى المدينة كبر ثلاث مرات وقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده. ثم دخل عليه السلام المدينة نهارا من طريق المعرس والحمد لله وحده.
(٣٥٠)