قال: فوثب الأشتر مغضبا ثم قال: يا بن سوار! ما هذا الكلام الضعيف والرأي السخيف؟ اسكن ودعني أكلم أمير المؤمنين، إن معاوية لا خلف له من رجاله، ولك عند الله الخلف، ولو كان له مثل رجالك لم يكن له مثل صبرك ولا نظرك (1)، [وقد بلغ الحق مقطعه، وليس لنا معك رأي]، (2)، فإن أجبت إلى هذه القضية فأنت الإمام الرشيد والبطل المجيد، وإن أبيت ذلك فاقرع (3) الحديد على الحديد واستعن بالله العزيز الحميد. قال: فقال له علي رضي الله عنه: اجلس!
فقد قضيت ما عليك.
قال: وعجب (4) القوم من كلام الأشتر ومن إيجازه.
قال: ومعاوية وعمرو بن العاص ومن معهما (5) من قريش وغيرهم من أهل الشام سكوت، ما فيهم أحد يتكلم عن معاوية ولا ينطق بشيء. فقال علي رضي الله عنه لكاتبه: اكتب " هذا ما تقاضى عليه علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان ". فقال أبو الأعور السلمي: نبدأ بمعاوية ثم علي، فقال له الأشتر: لا ولا كرامة لك ولا لمعاوية، بل نبدأ بعلي قبل معاوية، ونقدمه عليه وعلى غيره لأنه أسبق الناس إيمانا وهجرة وأدنى إلى العلية. فقال معاوية: يا أشتر! قدم من شئت وأخر من شئت.
قال: فكتب الكاتب (6).
" بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما تقاضى عليه علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، وأهل الحجاز وأهل العراق من شيعة علي وأهل الشام من شيعة معاوية، أنهم ينزلون على حكم كتاب الله، وأن كتاب الله بين علي ومعاوية من فاتحته إلى خاتمته. وأن يحيوا ما أحيى القرآن ويميتوا ما أمات القرآن، والحكمان عبد الله بن قيس وعمرو بن العاص، وأن علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان