بعده؟ أو لست الأبتر ابن الأبتر عدو الله وعدو رسوله، قم من ههنا يا عدو الله فليس هذا بموضع يحضره مثلك. قال: فوثب عمرو ساكتا (1) لا ينطق بشيء حتى قعد ناحية.
قال: فقال عبد الله بن خباب (2) وكان من الفرسان الأبطال وكان له فضل، فقال: يا أمير المؤمنين! إنك أمرتنا يوم الجمل بأمور مختلفة كانت عندنا أمرا واحدا، فقبلناها منك بالتسليم منا لأمرك، وهذه من (3) تلك الأمور، ونحن اليوم أصحابك أمس، وأراك كارها لهذه القضية، وأيم الله ما المكثر المنكر بأعلم من المقتر المقل (4)، وقد كانت الحرب أخذت بأنفاس هؤلاء القوم، فلم يبق منهم إلا رجاء ضعيف وصبر مستكره، فاستغاثوا بالمصاحف وفزعوا إليها من حر أسنتنا وحد سيوفنا فأجبتهم إلى ما دعوك إليه، فأنت أولنا إيمانا وآخرنا عهدا بنبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وإلا فهذه سيوفنا (5) في رقابنا، ورماحنا في أكفنا وقلوبنا في أجوافنا، وقد أعطيناك تبعتنا غير مستكرهين، والأمر إليك والسلام.
ثم وثب صعصعة بن صوحان العبدي فقال (6): يا أمير المؤمنين! إنه قد شرحت الطاعة قلوبنا ونفدت في جهاد عدونا بصائرنا، وأنت الوالي المطاع، ونحن الرعية الأتباع، وأنت أعلمنا بربنا، وخيرنا في ديننا، وأعظمنا حقا فينا، وسيدنا بعد نبينا، وأقربنا منه قرابة، فصلى الله عليه ورضي عنك، فانفذ لرأيك نتبعه، وإن أبيت هذه القضية فلا ضيم عليك ولا خذل، ولو عصاك (7) الناس كلهم لأطعناك، فإن أجبت إلى ما دعيت إليه فنحن لك على السمع والطاعة إلى ما أمرت، فاستخر الله واعزم على ما عزم عليه رأيك - والسلام -.
قال فسر علي بقوله وأثنى عليه خيرا.