القتال (1)، فأقبل إليه مولى له فقال: إن القوم قد اصطلحوا. فقال: الحمد لله رب العالمين! قال: فإنهم قد جعلوك حكما، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون. ثم أقبل أبو موسى حتى دخل إلى عسكر علي.
وأقبل الأشتر إلى علي رضي الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين! آتني (2) بعمرو بن العاص، فو الله الذي لا إله إلا هو لئن ملأت عيني منه لأقتلنه.
قال: وأقبل حريث الطائي وهو جريح مثقل حتى وقف على علي رضي الله عنه وهو لما به، فبادره علي ورحب به، ثم قال له: كيف أنت يا أخا بني سنبس؟
فقال: جريح دنف كما تراني، والذي بقي من عمري أقل مما مضى منه، ولكني اتيتك يا أمير المؤمنين في وقتي هذا لحق أقضيه، فقال علي: قل ما تشاء، فقال:
جعلني الله فداك! أحكم بعد حكم القرآن؟ وأمر بعد أمر القرآن؟ وأمر الله يصب دماءنا ودماءنا، ومعنا حكم الله علينا وعليهم، فما الذي حملك على إجابة القوم على الحكم؟ امض على أمر الله ولا يستخفنك الذين لا يوقنون. قال: فحثى قوم من أولئك القراء في وجهه التراب وهموا بقتله، فقال: كفوا عن الرجل! قال:
فتنحى من بين أيديهم وتفل فأحس بالموت، فأنشأ يقول:
يسائلني علي كيف حالي * وحالي أنني دنف جريح ومالي والذين حذى مقري * سوى أني لسوءتها أصيح وإني لا أقر بها وإني * لأهل الدين والدنيا نصيح أبا حسن هداك الله دعها * ومتن أديمها منها صحيح أتطمع في معاوية بن حرب * وعمرو إن ذا منا قبيح وقولهما ومن حجت إليه * خفاف البزل في البيدا ربيح قال: ثم لم يلبث أن مات رحمه الله، وبلغ عليا شعره فقال: رحم الله أخا طيء ولا عرفه قبيحا من عمله.