هرب حتى آمنته بعد أشهر، ولكن هذا عبد الله بن عباس قد جعلته حكما لي.
فقال (1) القوم: والله لا نبالي أنت كنت أو ابن عباس، إلا أننا لا نريد رجلا هو منك وأنت منه (2). فقال علي رضي الله عنه: فأنا أجعل الأشتر حكما، فقال الأشعث:
وهل سعر الأرض علينا إلا الأشتر (3)! فقال الأشعث: حكمه أن يضرب الناس بعضهم بعضا بالسيوف حتى يكون ما أردت وما أراد.
فقال له الأشتر: أنت إنما تقول هذا القول لأن أمير المؤمنين عزلك عن الرئاسة ولم يرك أهلا لها. فقال الأشعث: والله ما فرحت بتلك الرئاسة ولا حزنت لذلك العزل.
فقال علي رضي الله عنه: ويحكم! إن معاوية لم يكن ليختار لهذا (4) الأمر أحدا (4) هو أوثق برأيه ونظره إلا عمرو بن العاص، وإنه لا يصلح للقرشي [إلا مثله] (5)، وهذا عبد الله بن عباس فارموه به، فإن عمرا لا يعقد عقدة إلا حلها، ولا يبرم أمرا إلا نقضه، ولا ينقض أمرا إلا أبرمه. فقال الأشعث ومن معه: لا والله لا يحكم فينا مضريان أبدا حتى تقوم الساعة! ولكن يكون رجل من مضر ورجل من اليمن، فقال علي رضي الله عنه: إني أخاف أن يخدع يمانيكم، فإن عمرو بن العاص ليس من الله في شيء، فقال الأشعث: والله لأن يحكما (6) ببعض ما نكره وأحدهما (7) من اليمن أحب إلينا من أن يكون ما نحب وهما مضريان. فقال علي رضي الله عنه: وقد أبيتم إلا أبا موسى؟ قالوا: نعم. قال: فاصنعوا ما أردتم (8)،