لعمرك لا ألقى مدى الدهر خالعا * عليا بقول الأشعري ولا عمرو (1) ولسنا نقول الدهر ذاك إليكما (2) * وفي ذاك لو قلناه قاصمة الظهر ولكن نقول الأمر لله وحده (3) * إليه وفي كفيه عاقبة الأمر وما اليوم إلا مثل أمس وإننا * لفي رقرق (4) الضحضاح أو لجة البحر قال: وبلغ معاوية أن عمرا يريد الأمر لنفسه، فضاق لذلك ذرعا ولم يدر ما يصنع، فدعا بالمغيرة بن شعبة (5)، وقد كان أتاه زائرا من الطائف، فقال له:
ويحك يا مغيرة! أشر علي فقد بلغني أن عمرا يريد الأمر لنفسه: فقال له المغيرة:
إنه لو وسعني أن أشير عليك أو آمرك لوسعني أن أنصرك على علي، ولكن علي أن آتيك بخبر الرجلين جميعا عمرو وأبي موسى.
قال: ثم خرج المغيرة من عند معاوية وسار حتى أتى دومة الجندل، فدخل على أبي موسى كأنه زائر له فحدثه ساعة ثم قال: يا أبا موسى! ما تقول فيمن اعتزل هذا الأمر وكره هذه الدماء فلم يكن مع علي ولا معاوية؟ فقال أبو موسى: أولئك والله خيار الناس ممن قد خف (6) ظهره من مظالم العباد.
قال: ثم تركه المغيرة وأقبل حتى دخل على عمرو بن العاص، فحدثه ساعة ثم قال: أبا عبد الله! ما تقول فيمن اعتزل هذه الدماء ولم يدخل نفسه في شيء من هذه الأمور؟ فقال عمرو: أولئك من أشرار خلق الله لا يعرفون حقا ولا ينكرون باطلا.
قال: فخرج المغيرة إلى معاوية فقال: أما أبو موسى فإنه خالع صاحبه عليا، لا أشك في ذلك على ما سمعت في ذلك من كلامه، وأما عمرو (7) فإنني قد سمعت