القاضي نحوه قال: ولا الإيمان الذي هو الفرائض والأحكام، قال: فكان قبل مؤمنا بتوحيده، ثم نزلت الفرائض التي لم يكن يدريها قبل، فزاد بالتكليف إيمانا.
وكذلك الحديث الذي يرويه عثمان بن أبي شيبة بسنده، عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشهد مع المشركين مشاهدهم فسمع ملكين خلفه، أحدهما يقول لصاحبه: اذهب حتى تقوم خلفه، فقال الآخر: كيف أقوم خلفه وعهده باستلام الأصنام، فلم يشهدهم بعد، فهذا حديث أنكره أحمد بن حنبل، وقال: هنا موضوع أو شبيه بالموضوع.
وقال الدارقطني: إن عثمان وهم في إسناده والحديث بالجملة منكر، غير متفق على إسناده فلا يلتفت إليه، والمعروف عن النبي صلى الله عليه وسلم عند أهل العلم من قوله: بغضت إلى الأصنام وقوله - في الحديث الآخر حين كلمه عمه وآله في حضور بعض أعيادهم وعزموا عليه فيه بعد كراهته لذلك، فخرج معهم ورجع مرعوبا - فقال: كلما دنوت عليها من صم تمثل لي شخص أبيض طويل يصيح بي وراءك لا تمسه فما شهد بعد لهم عيدا.
وقوله في قصة بحيرا حين استحلف النبي صلى الله عليه وسلم باللات والعزى إذا لقيه بالشام في سفره مع عمه أبي طالب وهو صبي، ورأى فيه علامات النبوة، فأخبره بذلك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا تسألني بهما فوالله ما أبغضت شيئا قط بغضهما فقال له بحيرا: فبالله إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه، فقال: سل ما بدا لك، وكذلك المعروف من سيرته صلى الله عليه وسلم وتوفيق الله - تعالى - له أنه كان قبل نبوته يخالف المشركين في وقوفهم بمزدلفة في الحج، وكان يقف هو بعرفة، لأنه كان موقف إبراهيم - عليه السلام.
قال الطوفي في قوله - تعالى: (ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان)، مع قوله صلى الله عليه وسلم: كنت نبيا وآدم بين الماء والطين: وأنه حين ولد خر ساجدا مشيرا بأصبعه إلى السماء، وأنه لم يزل صلى الله عليه وسلم كارها الأصنام مبغضا لها قبل النبوة، ولم يحلف بها، ولا أكل مما ذبح لها.
وإجماع الناس على أن نبيا من الأنبياء لم يكفر بالله وخلا من الإيمان به طرفه عين، فالواجب فالواجب تأويل الآية على ما يزيل عنها هذا المحذور، مثل أن