قال القاضي عياض: فإذا قلت: فما معنى قوله - تعالى: ﴿ووجدك ضالا فهدى﴾ (١)؟ فليس هو في الضلال الذي هو الكفر، قيل: ضالا عن النبوة فهداك إليها، قاله الطبري، وقيل: ووجدك بين أهل الضلال، فعصمك من ذلك وهداك للإيمان وإلى إرشادهم، ونحوه عن السدي وغير واحد، وقيل:
ضالا عن شريعتك، أي لا تعرفها، فهداك إليها، والضلال هاهنا التحير ولهذا، كان صلى الله عليه وسلم يخلو بغار حراء في طلب ما يتوجه إلى ربه وينشرح به، حتى هداه الله - تعالى - إلى الإسلام، قال معناه القشيري، وقيل: لا تعرف الحق فهداك إليه، وهذا مثل قوله - تعالى: ﴿وعلمك ما لم تكن تعلم﴾ (٢)، قاله علي بن عيس.
قال ابن عباس - رضي الله تبارك وتعالى عنه: لم يكن له صلى الله عليه وسلم ضلالة معصية، وقيل: إني أبين أمرك بالبراهين، وقيل: وجدك ضالا بين مكة والمدينة فهداك إلى المدينة، وقيل: وجدك فهدى بك ضالا، وعن جعفر بن محمد: ووجدك ضالا عن محبتي لك في الأزل، أي لا تعرفها، فمننت عليك بمعرفتي.
وقرأ الحسن بن علي: ﴿ووجدك ضالا فهدى﴾ (٣)، أي اهتدى، وقال: ابن عطاء ووجدك ضالا، أي محبا لمعرفتي، والضال المحب، كما قال - تعالى: ﴿إنك لفي ضلالك القديم﴾ (٤)، أي محبتك القديمة، ولم يريدوا هاهنا إذ لو قالوا ذلك في نبي الله لكفروا.
ومثله عند هذا قوله - تعالى: ﴿إنا لنراها في ضلال مبين﴾ (5)، أي محبة بينة، وقال الجنيد: ووجدك متحيرا في بيان ما أنزل إليك فهداك، لبيان