الله بما هو أهله، وهذا إنما أراد به التشهد وقت القعود، ولهذا قال: إذا صليت فاقعد يعني في التشهد فأمره بحمد الله والثناء عليه والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم فإن قيل: إن الذي أمره أن يصلي عليه فيه بعد تحميد الله غير معين، فلم قلتم:
أنه بعد التشهد؟ وأجيب بأنه ليس في الصلاة موضع يشرع فيه الثناء على الله تعالى، ثم الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم الدعاء إلا في التشهد آخر الصلاة، وذلك لا يشرع في القيام، ولا في الركوع، ولا في السجود، فلم أنه إنما أراد آخر الصلاة حال جلوسه في التشهد، وإن قيل: إنه أمره بالدعاء عقب الصلاة والدعاء ليس بواجب وكذا الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، أجيب بأنه لا يستحيل أن يأمر بشيئين فيقوم الدليل على عدم وجوب أحدهما ويبقى الآخر على الوجوب، ثم إن هذا المذكور من الحمد والثناء واجب. قيل: الدعاء فإنه هو التشهد. قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم به، وأخبر الصحابة أنه فرض عليهم، ولم يكن اقتران الأمر بالدعاء به مسقطا لوجوبه، فكذا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك فقولكم الدعاء لا يجيب غير مسلم، فإن من الدعاء ما هو واجب، وهو الدعاء بالتوبة والاستغفار من الذنوب، والهداية والعفو وغير ذلك.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من لم يسأل الله يغضب عليه، فالغضب لا يكون إلا بترك واجب أو فعل محرم. وإن قيل: لو كانت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فرضا في الصلاة لم يؤخر بيانها إلى هذا الوقت حتى يرى رجلا يفعلها فيأمره بها، ولو كان العلم بوجوبها مستفادا بمثل هذا الحديث أجيب بأنه لم نقل قط أنها وجبت على الأمة إلا بهذا الحديث، بل هذا المصلي قد كان تركها فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بما هو مستقر من شرعه، وهذا كحديث المسئ في صلاته، فإن وجوب الركوع، والسجود، والطمأنينة على الأمة، لم يكن مستفادا من حديثه، وتأخر بيان النبي صلى الله عليه وسلم لذلك إلى حين الصلاة هذا الأعرابي، وإنما أمره أن يصلي الصلاة التي شرعها لأمته قبل هذا، وإن قيل: إن أبا داود والترمذي قالا في حديث فضالة ولغيره محرف " أو " ولو كان هذا واجبا على مكلف لم يكن ذلك له أو لغيره، أجيب بأن الرواية الصحيحة التي رواها ابن خزيمة وابن حبان إنما هي: فقال له ولغيره بالواو وكذا رواه الإمام أحمد والدار قطني والبيهقي. ثم إن " أو " هذه ليست للتخيير حتى يصح الاعتراض بل