وإذ تقرر أن الصلاة المسؤول عن كيفيتها هي الصلاة عليه في نفس الصلاة وقد خرج ذلك مخرج البيان المأمور به في القرآن، ثبت أنها على الوجوب، ويضاف إلى ذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فإن قيل: يحتمل قوله صلى الله عليه وسلم:
والسلام كما علمتم أمرين:
أحدهما: أن يراد به السلام عليه في الصلاة.
الثاني: أن يراد به السلام من الصلاة كما قد قاله أبو عمر بن عبد البر، أجيب بأن في نفس الحديث أنهم قالوا: هذا السلام عليك يا رسول الله قد عرفناه. فكيف الصلاة؟ وهم إنما سألوه عن كيفية الصلاة، والسلام المأمور بهما في الآية لا عن كيفية السلام من الصلاة. وإن قيل هذا إنما يدل دلالة اقتران الصلاة والسلام، والسلام واجب في التشهد، فكذا الصلاة ودلالة الاقتران ضعيفة. أجيب أنا لم نحتج بدلالة الاقتران، وإنما استدلالنا بالأمر بها في القرآن وبينا أن الصلاة التي سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمهم إياها إنما هي الصلاة التي في الصلاة.
وإن قيل: لا نسلم وجوب السلام ولا الصلاة واستدلالكم إنما يتم بعد تسليمه وجوب السلام عليه. أجيب بأنه لا يعترض على الأدلة من الكتاب والسنة بخلاف المخالف، فكيف يكون خلافكم في مسألة قد قام الدليل على قول منازعكم مبطلا لدليل صحيح لا معارض له في مسألة أخرى؟ وهل هذا إلا عكس طريقة أهل العلم بأن الأدلة هي التي تبطل ما خالفها من الأقوال، ويعترض بها من خالف موجبيها؟ فتقدم على كل قول اقتضى خلافها، لا أن أقوال المجتهد يعارض بها الأدلة، وتقدم عليها، ثم إن الحديث حجة عليكم في المسألتين، فإنه دليل على وجوب التسليم والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فيجب المصير إليه.
الدليل الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك في التشهد وأمرنا أن نصلي كصلاته، وهذا على وجوب فعل ما فعل في الصلاة، إلا ما خصه الدليل، فهاتان مقدمتان.
أما المقدمة الأولى: فبيانها ما روى الشافعي في (مسنده) عن إبراهيم ابن محمد. حدثني سعد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقول في الصلاة: اللهم صل على محمد وعلى آل