عبد المهيمن إلى أخيه أبي فهو الأشبه والله أعلم، فإن الحديث معروف بعبد المهيمن فتلك علة قوية وقد رواه الطبراني بالوجهين ولا يثبت.
الدليل الخامس: قد ثبت وجوبها عن ابن مسعود وابن عمر، وأبي مسعود الأنصاري، ولم يحفظ عن أحد من الصحابة أنه قال: لا تجب، وقول الصحابي إذا لم يخالفه غير حجة لا سيما على أصول أهل المدينة وأهل العراق.
الدليل السادس: أن هذا عمل الناس من عهد نبيهم وإلى الآن، ولو كانت الصلاة على غيره واجبة لم يكن اتفاق الأمة في سائر الأمصار والأعصار على قولها في التشهد وترك الإخلال بها. وقد قال مقاتل بن حيان في تفسيره في قوله تعالى: (الذين يقيمون الصلاة) قال: إقامتها المحافظة عليها وعلى أوقاتها، والقيام فيها، والركوع، والتشهد، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير.
وقد قال الإمام أحمد: الناس في التفسير عيال على مقاتل، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة من إقامة الصلاة المأمور بها فتكون واجبة، ومع هذه الأدلة فإنا نقول لمنازعينا: ما منكم إلا من أوجب في الصلاة أشياء بدون هذه الأدلة، هذا أبو حنيفة رحمه الله تعالى قال بوجوب الوتر وإن أدلة وجوبه من أدله وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ويوجب الوضوء على من قهقه في صلاته بحديث مرسل لا يقاوم أدلتنا في المسألة، ويوجب [الوضوء] من القئ والرعاف والحجامة بأدلة لا تقاوم أدلة هذه المسألة، وهذا مالك يقول: إن في الصلاة أشياء بين الفرض والمستحب ليست بفرض وهي فوق الفضيلة المستحبة، يسميها أصحابه سننا، كقراءة سورة مع الفاتحة، وتكبيرات الانتقال، والجلسة الأولى، والجهر والمخافتة، ويوجبون السجود في تركها على تفصيل لهم فيه.
وأحمد بن حنبل رحمة الله يسمي هذه واجبات، ويوجب السجود بتركها، فإيجاب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إن لم تكن أقوى من إيجاب كثير من هذه فليست دونها، فهذه حجج الفريقين في هذه المسألة، والمقصود بيان أن تشنيع المشنع فيها على الشافعي باطل في مسألة فيها ما فيها من الأدلة والبيان، وإذا صار مثل هذا كيف يسوغ أن يشنع على الذاهب إليها؟ ومن يهد الله فما له من مضل.