وأما قوله: وقد شنع الناس المسألة على الشافعي جدا، فيا سبحان الله!
أي شناعة عليه إن هي إلا من محاسن مذهبه؟ فأي كتاب خالف الشافعي في هذه المسألة؟ أهل هي فرض؟ أم سنة؟ أم إجماع؟ إنما قال قولا اقتضته الأدلة، وقامت على صحته، فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة من تمام الصلاة بلا خلاف.
وأما تمام واجباتها أو مستحباتها وهو - رضي الله تبارك وتعالى عنه - رأى أنها من تمام واجبات الصلاة بالأدلة التي تأتي إن شاء الله تعالى، فلا إجماعا حرفه، ولا نصا خالفه، فمن أي وجه يشنع عليه؟ وهل الشناعة إلا بمن عليه أليق، وبه ألحق؟.
وأما قوله: وهذا تشهد ابن مسعود الذي اختاره الشافعي وهو الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم إياه إلى آخره، فالشافعي إنما اختار تشهد عبد الله بن عباس، والذي اختار تشهد ابن مسعود أبو حنيفة وأحمد، واختار مالك تشهد ابن عمر، والجواب من وجوه:
أحدها: أن تقول بموجب هذا الدليل، فإن مقتضاه وجوب التشهد ولا ينفي وجوبه وجوب غيره، فإنه لم يقل إن هذا التشهد جمع الواجب من الذكر في هذه القعدة، فإيجاب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بدليل آخر لا يكون معارضا بترك تعليمه في أحاديث التشهد.
الثاني: أنكم توجبون السلام من الصلاة، ولم يعلمهم إياه النبي صلى الله عليه وسلم فإن قلتم: فإنما أوجبنا السلام بقوله صلى الله عليه وسلم: تحريمها التكبير وتحليلها التسليم، قلنا:
ونحن أوجبنا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بالأدلة المقتضية لها، فإن كان تعليم التشهد وحده مانعا عن إيجاب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، كان مانعا من إيجاب السلام، وإن لم يمنعه، لم يمنع وجوب الصلاة.
الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كما علمهم التشهد، علمهم الصلاة عليه، فكيف يكون تعليمهم التشهد دليل وجوبها؟ وتعليمهم الصلاة لا يدل على وجوبها؟ فإن قلتم: التشهد الذي علمهم إياه هو تشهد الصلاة، ولهذا قال فيه: فإذا جلس أحدكم فليقل: التحيات لله، وأما تعليم الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فإنه مطلق غير مقيد حالة الصلاة، قلنا: والصلاة عليه أيضا في بحالة الصلاة لوجوه: