صبيان أيتام، فأمر براويتيها فأنيخت، فمج في العزلاوين العلياوين (1)، ثم بعث براويتها فشربنا ونحن أربعون رجلا عطاش حتى روينا وملأنا كل قربة معنا وإداوة، وغسلنا صاحبنا (2)، غير أنا لم نسق بعيرا وهي تكاد تنضرج (3) من الماء - يعني المزادتين - ثم قال: هاتوا ما كان عندكم، فجمعنا لها من كسر وتمر، وصر لها صرة فقال لها: اذهبي فأطعمي هذا عيالك، واعلمي أنا لم نرزأ من مائك، فلما أتت أهلها قالت: لقد لقيت أسحر البشر أو أنه نبي كما زعم، كان من أمره ذيت وذيت، فهدى الله ذلك الصرم بتلك المرأة فأسلمت وأسلموا (4). اللفظ لمسلم، ذكره في كتاب الطهارة (5)، وهو أتم من لفظ البخاري وأكثر.
وقال البخاري في حديثه: فاستيقظ عمر فقعد أبو بكر عند رأسه فجعل يكبر ويرفع صوته حتى استيقظ النبي (صلى الله عليه وسلم) فنزل وصلى بنا الغداة، فاعتزل رجل. وقال فيه: فقلنا لها: أين الماء؟ فقالت: إنه لا ماء، ولم يقل: أيهاه أيهاه، ولم يقل فيه: غسلنا صاحبنا، وقال فيه: وهي تكاد من الماء. ذكره في باب علامات النبوة (6).
وأخرجاه من حديث عوف بن أبي جميلة الأعرابي عن أبي رجاء العطاردي، عن عمران بن الحصين قال: كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في سفر، فسرنا ليلة حتى إذا كنا من آخر الليل قبيل الصبح، وقعنا تلك الوقعة التي لا وقعة عند المسافر أحلى منها، فما أيقظنا إلا حر الشمس. وساق الحديث بنحو حديث سلم بن زرير،