[ثامن وثلاثون: أكل سبعين رجلا من قليل أقراص خبز شعير] وأما أكل سبعين أو ثمانين رجلا في بيت أبي طلحة الأنصاري من قليل أقراص خبز شعير قد فت وأدم بيسير من أدام حتى شبعوا، وبقيت كما هي ببركة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فخرج البخاري ومسلم من حديث مالك، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، أنه سمع أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: قال أبو طلحة لأم سليم رضي الله عنها، لقد سمعت صوت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ضعيفا أعرف فيه الجوع، فهل عندك من شئ؟ قالت: نعم، فأخرجت أقراصا من شعير، ثم أخذت خمارا لها فلفت الخبز ببعضه ثم دسته تحت ثوبي، وردتني (1) ببعضه، ثم أرسلتني إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، قال: فذهبت به فوجدت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جالسا في المسجد ومعه الناس، فقمت عليهم فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أرسلك أبو طلحة؟ فقلت: نعم، فقال: بطعام؟.
وقال البخاري: قالت: بطعام؟ - فقلت: نعم، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لمن معه:
قوموا، قال: فانطلق وانطلقت بين يديه حتى جئت أبا طلحة فأخبرته، فقال أبو طلحة: يا أم سليم، قد جاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالناس وليس عندنا ما نطعمهم، فقالت:
الله ورسوله أعلم، قال: فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
فأقبل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) معه، حتى دخلا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): هلمي ما عندك يا أم سليم فأتت بذلك الخبز، فأمر به رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ففت وعصرت عليه أم سليم عكة لها فأدمته، ثم قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما شاء الله أن يقول، ثم قال:
ائذن لعشرة فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا، ثم خرجوا، ثم قال: ائذن لعشرة، فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا، ثم أذن لعشرة حتى أكل القوم كلهم وشبعوا، والقوم سبعون رجلا أو ثمانون. وقال البخاري: والقوم ثمانون رجلا (2).