[خامس وعشرون: ظهور بركته (صلى الله عليه وسلم) في بئر قليلة الماء، بعث إليها بحصيات ألقيت فيها فغزر ماؤها] وأما ظهور بركته (صلى الله عليه وسلم) في بئر قليلة الماء، بعث إليها بحصيات ألقيت [فيها] فغزر ماؤها، فخرج أبو نعيم من حديث الحارث بن أبي أسامة قال: حدثنا أبو عبد الرحمن المقري، حدثنا عبد الرحمن بن زياد بن [أنعم] عن زياد بن نعيم الحضرمي، عن زياد بن الحارث الصدائي قال:
أتيت النبي (صلى الله عليه وسلم) فبايعته على الإسلام، ثم أتى وفد من قومي بإسلامهم، ثم قالوا: يا رسول الله! إن لنا بئرا إذا كان الشتاء وسعنا ماؤها فاجتمعنا إليه، فإذا كان الصيف قل ماؤها فتفرقنا على مياه حولنا، وإنا لا نستطيع أن نتفرق اليوم [ولنا عدو]، فادع الله لنا أن يسقينا ماؤها، فدعى بسبع حصيات فعركهن بيده ودعا، ثم قال: إذا أتيتموها فألقوها واحدة واحدة واذكروا اسم الله عليها، قال: فما استطاعوا أن ينظروا إلى قعرها بعدها (1) وسيأتي حديث ابن زياد هذا بطوله.
وقال الواقدي في غزوة تبوك: قالوا: وقدم نفر من بني سعد هذيم على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقالوا: يا رسول الله! إنا قدمنا عليك وتركنا أهلنا على بئر لنا قليل ماؤها، وهذا القيظ ونحن نخاف إن تفرقنا أن تقطع، لأن الإسلام لم يفش حولنا بعد، فادع الله لنا في ماء بئرنا، وإن روينا به فلا قوم أعز منا، لا يعير بنا أحد مخالف لديننا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أبلغوني حصيات! فتناولت ثلاث حصيات فدفعتهن إليه، فعركهن بيده ثم قال: اذهبوا بهذه الحصيات إلى بئركم، فاطرحوها واحدة واحدة وسموا الله.
قال: فانصرفوا من عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ففعلوا ذلك، فجاشت بئرهم بالرواء، ونفوا من قاربهم من المشركين ووطئوهم، فما انصرف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة حتى أوطأوا من حولهم غلبة ودانوا بالإسلام (2).