[تاسع عشر: ظهور بركته (صلى الله عليه وسلم) في الماء بالحديبية] وأما ظهور بركته (صلى الله عليه وسلم) في الماء بالحديبية، فخرج البخاري من حديث إسرائيل عن أبي إسحاق، عن البراء رضي الله عنه (1) قال: تعدون أنتم الفتح فتح مكة (2)، وقد كان فتح مكة فتحا ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية، كنا مع النبي (صلى الله عليه وسلم) أربع عشر مائة، والحديبية بئر فنزحناها فلم نترك فيها قطرة، فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وسلم) فأتاها فجلس على شفيرها ثم دعا بإناء من ماء فتوضأ، ثم مضمض ودعا ثم صبه فيها، فتركناها غير بعيد، ثم إنها أصدرتنا ما شئنا نحن وركابنا (3)، وفي رواية قال: نزلنا يوم الحديبية وهي بئر فوجدنا الناس قد نزحوها فلم يدعوا فيها قطرة، فذكر ذلك للنبي (صلى الله عليه وسلم)، فدعا بدلو فنزع منها ثم أخذ منه بفيه فمجه، ودعا الله فكثر ماؤها حتى صدرنا وركائبنا ونحن أربع عشر مائة (4).
وخرج مسلم من حديث عكرمة بن عمار العجلي عن سلمة بن الأكوع قال:
أخبرني أبي قال: قدمنا مع النبي (صلى الله عليه وسلم) الحديبية ونحن أربع عشر مائة وعليها خمسون شاة لا ترويها، قال: فقعد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على جبا الركية، فإما دعا وإما بصق فيها فجاش، فسقينا واستقينا (5).
وللبخاري من حديث معمر قال: أخبرني الزهري قال: أخبرني عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة، وهارون يصدق كل منهما حديث صاحبه، قالا: خرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) زمن الحديبية فذكر الحديث إلى أن قال: فعدل عنهم حتى نزل