يا رسول الله، فعرسوا فما أيقظهم إلا حر الشمس، فاستيقظ رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، واستيقظ أصحابه فقال لهم: تقدموا واقضوا حاجتكم، ففعلوا ورجعوا إلى النبي (صلى الله عليه وسلم)، فقال لهم: هل مع أحد منكم ماء؟ قال رجل منهم: يا رسول الله. معي ميضأة فيها شئ من ماء، قال: جئ بها، فأخذها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فمسحها بكفه ودعا بالبركة فيها، فقال لأصحابه: تعالوا فتوضأوا، فجاءوا فجعل يصب عليهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى توضأوا، وأذن رجل منهم وأقام، فصلى بهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وقال لصاحب الميضأة: ازدهر بميضأتك فسيكون لها نبأ.
وركب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قبل الناس وقال لأصحابه: ما ترون الناس فعلوا؟
قال: الله ورسوله أعلم، فقال لهم: فيهم أبو بكر وعمر وسيرشد الناس، وقد سبق المشركون إلى ذلك الماء فشق على الناس وعطشوا عطشا شديدا، ركائبهم ودوابهم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أين صاحب الميضأة؟ قال: هو ذا يا رسول الله، قال: جئني بميضأتك، فجاء بها وفيها شئ من ماء، فقال لهم، تعالوا فاشربوا، فجعل يصب لهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى شرب الناس كلهم، وسقوا دوابهم وركائبهم، وملؤا كل أداوة وقربة ومزادة، ثم نهض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه إلى المشركين، فبعث الله ريحا، فهرب وجوه المشركين، وأنزل الله نصره وأمكن من أدبارهم، فقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وأسروا أسارى واستاقوا غنائم كثيرة، فرجع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والناس وافرين صالحين (1).
وقال الواقدي: حدثني [عبد الله بن عبد] (2) العزيز أخو عبد الرحمن بن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي صعصعة المازني، عن خلاد بن سويد عن أبي قتادة قال: بينا نحن نسير مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في الجيش ليلا وهو قافل من تبوك وأنا معه، إذ خفق خفقة وهو على راحلته، فمال على شقه فدنوت منه فدعمته، فانتبه فقال: من هذا؟ قلت: أبو قتادة يا رسول الله، خفت أن تسقط فدعمتك، فقال:
حفظك الله كما حفظت رسوله، ثم سار غير كثير ففعل مثلها فدعمته فانتبه فقال: