يا أبا قتادة، هل لك في التعريس؟ فقلت: ما شئت يا رسول الله، فقال: انظر من خلفك، فنظرت فإذا رجلان أو ثلاثة، فقال: ادعهم، فقلت: أجيبوا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فجاءوا فعرسنا ونحن خمسة برسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وبقي إداوة فيها ماء وركوة لي أشرب فيها، فما انتبهنا إلا بحر الشمس، فقلت: إنا لله! فاتنا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): لنغيظن الشيطان كما غاظنا، فتوضأ من الإداوة ففضل فضلة فقال:
يا أبا قتادة، احتفظ بما في الإداوة والركوة فإن لها شأنا، ثم صلى بنا الفجر بعد طلوع الشمس، فقرأ بالمائدة، فلما انصرف من الصلاة قال: أما إنهم لو أطاعوا أبا بكر وعمر رشدوا، وذلك أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما أرادا أن ينزلا بالجيش على الماء فأبوا عليهما، فنزلوا بفلاة من الأرض على غير ماء بفلاة من الأرض، فركب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فلحق الجيش عند زوال الشمس ونحن معه، وقد كادت تقطع أعناق الرجال والدواب عطشا، فدعا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالركوة فأفرغ ما في الإداوة فيها، فوضع أصابعه عليها، فنبع الماء من بين أصابعه، وأقبل الناس فاستقوا وفاض الماء حتى رووا هم ورواحلهم (1)، وكان في العسكر اثنى عشر ألف بعير، ويقال: خمسة عشر ألف بعير، والناس ثلاثون ألفا، والخيل عشرة آلاف.
وذلك قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأبي قتادة: احتفظ بالركوة والإداوة (2).