عنه بعطن، قال: وإنهم ليغترفون بآنيتهم جلوسا على شفير البئر.
ثم ذكر في الذي نزل بالسهم مثل ما تقدم عن ابن إسحاق، ثم قال: وحدثني الهيثم بن واقد، عن عطاء بن أبي مروان، عن أمه قال: حدثني أربعة عشر (1) رجلا من أسلم من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم)، أن ناجية بن الأعجم، وكان ناجية بن الأعجم يحدث - يقول: دعاني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين شكي إليه قلة الماء، فأخرج سهما من كنانته ودفعه إلي، ودعا بدلو من ماء البئر، فجئته به فتوضأ، فقال:
مضمض فاه ثم مج في الدلو، والناس في حر شديد، وإنما هي بئر واحدة - وقد سبق المشركون على بلدح فغلبوا على مياهه - فقال: انزل بالماء فصبه وأثر (2) ماءها بالسهم. ففعلت، فوالذي بعثه بالحق ما كدت أخرج حتى كاد يغمرني، وفارت كما يفور القدر حتى طمت واستوت بشفيرها، يغترفون من جانبها حتى نهلوا من آخرهم.
قال: وعلى الماء يومئذ نفر من المنافقين: الجد بن قيس، وأوس، وعبد الله ابن أبي، وهم جلوس ينظرون إلى الماء، والبئر تجيش بالرواء وهم جلوس على شفيرها، فقال أوس بن خولي: ويلك يا أبا الحباب! أما آن لك أن تبصر ما أنت عليه أبعد هذا شئ؟ وردنا بئرا يتبرض ماؤها تبرضا، يخرج في العقب جرعة ماء، فتوضأ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في الدلو ومضمض فاه في الدلو ثم أفرغ الدلو فيها ونزل بالسهم فحثحثها فجاشت بالرواء.
قال: يقول ابن أبي قد رأيت مثل هذا، فقال أوس: قبحك الله وقبح رأيك فيقبل ابن أبي يريد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أي أبا الحباب أرأيت مثل ما رأيت اليوم؟
فقال: ما رأيت مثله قط، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): فلم قلت ما قلت؟ قال ابن أبي: أستغفر الله، قال ابنه: يا رسول الله استغفر له، فاستغفر له رسول الله (صلى الله عليه وسلم).