[ثاني وستون: ظهور الآية في اللبن للمقداد رضي الله عنه] وأما ظهور الآية في اللبن للمقداد - رضي الله عنه - فخرج مسلم من حديث سليمان بن المغيرة، عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن المقداد قال:
أقبلت أنا وصاحبان لي وقد ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الجهد، فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فليس أحد منهم يصلنا، فأتينا النبي (صلى الله عليه وسلم) فانطلق بنا إلى أهله، فإذا ثلاثة أعنز، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): احتلبوا هذا اللبن بيننا، فكنا نحتلب فيشرب كل إنسان منا نصيبه، ونرفع للنبي (صلى الله عليه وسلم) نصيبه.
قال فيجئ من الليل فيسلم تسليما لا يوقظ نائما، [ويسمع اليقظان، قال:
ثم يأتي المسجد فيصلي، ثم يأتي شرابه، فأتاني الشيطان ذات ليلة وقد شربت نصيبي، فقال: محمد يأتي الأنصار فيتحفونه، ويصيب عندهم، ما به حاجة إلى هذه الجرعة، فأتيتها فشربتها، فلما أن وغلت في بطني، وعلمت أنه ليس إليها سبيل.
قال: ندمني الشيطان، فقال: ويحك ما صنعت! أشربت شراب محمد، فيجئ فلا يجده، فيدعو عليك فتهلك، فتذهب دنياك وآخرتك؟ وعلي شملة، إذا وضعتها على قدمي خرج رأسي، وإذا وضعتها على رأسي خرج قدماي، وجعل لا يجيئني النوم، وأما صاحباي فناما ولم يصنعا ما صنعت، قال: فجاء النبي (صلى الله عليه وسلم) فسلم كما كان يسلم، ثم أتى المسجد فصلى، ثم أتى شرابه، فكشف عنه فلم يجد فيه شيئا، فرفع رأسه إلى السماء، فقلت: الآن يدعو علي فأهلك، فقال:
اللهم أطعم من أطعمني وأسق من أسقاني.
قال: فعمدت إلى الشملة فشددتها علي وأخذت الشفرة فانطلقت إلى الأعنز أيها أسمن فأذبحها لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فإذا هي حافلة، وإذا هن حفل كلهن، فعمدت إلى إناء لآل محمد (صلى الله عليه وسلم) ما كانوا يطعمون أن يحتلبوا فيه، قال: فحلبت فيه حتى علته رغوة، فجئت إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: أشربتم شرابكم الليلة؟