[ثلاثون: ذهاب الحزن وسرور النفس ببركة ما غمس فيه يده الكريمة (صلى الله عليه وسلم)] وأما ذهاب الحزن وسرور النفس ببركة ما غمس فيه يده الكريمة (صلى الله عليه وسلم، ومضمض فاه (صلى الله عليه وسلم)، فقال الواقدي - رحمه الله - في غزوة بدر: بينا حارثة بن سراقة كارعا (1) في الحوض، إذ أتاه سهم غرب، فوقع في نحره، فلقد شرب القوم آخر النهار من دمه، فبلغ أمه وأخته - وهم بالمدينة - مقتله، فقالت أمه: والله لا أبكي عليه حتى يقدم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأسأله، فإن كان ابني في الجنة لم أبك عليه، وإن كان ابني في النار بكيته [لعمر الله] (2) فأعولته.
فلما قدم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من بدر، جاءت أمه فقالت: يا رسول الله، قد عرفت موقع حارثة من قلبي [فأردت أن] (2)، أبكي عليه، ثم قلت لا أفعل حتى أسأل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فإن كان في الجنة لم أبك عليه وإن كان في النار بكيته فأعولته، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) أهبلت!؟ جنة واحدة، إنها جنان كثيرة، والذي نفسي بيده إنه لفي الفردوس الأعلى، قالت: فلا أبكي عليه أبدا، ودعا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بإناء من ماء، فغمس يده فيه ومضمض فاه، ثم ناول أم حارثة فشربت، ثم ناولت ابنتها فشربت، ثم أمرهما فنضحتا في جيوبهما ففعلتا، فرجعتا من عند النبي (صلى الله عليه وسلم) وما بالمدينة امرأتان أقر عينا منهما ولا أسر. هكذا أورد محمد بن عمر الواقدي هذا الحديث في (كتاب المغازي) بغير إسناد (3).
وقد خرج الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري في (كتاب الجامع الصحيح)، في كتاب الرقاق، في باب صفة الجنة والنار، من حديث إسحاق عن