[ثامن وسبعون: ازدلاف البدن إلى المصطفى (صلى الله عليه وسلم) ليبدأ بنحرهن] وأما ازدلاف البدن إلى المصطفى ليبدأ بنحرهن، فخرج أبو نعيم من حديث أبي عاصم النبيل، ويحيى بن سعيد القطان، عن نور بن يزيد، عن راشد بن سعد، عن عبد الله بن يحيى، عن عبد الله بن قرط قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أفضل الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر [يستقر فيه الناس - وهو الذي يلي يوم النحر] وقدم إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيه بدنات خمس أو ست فطفقن يزدلفن إليه بأيتهن يبدأ بها فلما وجبت جنوبها قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كلمة خفيفة لم أفهمها، فقلت للذي إلى جنبي، ما قال؟ قال: من شاء اقتطع (1).
وخرجه الحاكم من حديث مسدد، حدثنا يحيى عن ثور به نحوه، ثم قال:
هذا حديث صحيح الإسناد (2).
قال أبو نعيم: فما تضمنت هذه الأخبار من الآيات والدلائل الواضحة من سجود الإبل وشكايتهن وازدلافهن وما في معناه، لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أعطي علما [بمنطق] هذه البهائم وشكايتهن كما أعطي سليمان عليه السلام علما بمنطق الطير، فذلك له آية كما كان يظهرها لسليمان آية، أو علم ذلك بالوحي، وأي ذلك كان، ففيه أعجوبة [وآية] ومعجزة.
فإن اعترض بعض الطاعنين فزعم أن فيه قسما ثالثا وهو أنه (صلى الله عليه وسلم) استدل بالحال على سوء إمساكهم، قيل: هذا يحتمل، ولكن الاستدلال لا يعلم به أن صاحب البهيمة رجل من بني فلان، وأنه استعملها [كذا] سنة، وأنه مريد لنحرها، فإن ذلك لا يتوصل إليه بالاستدلال، فهذا القسم باطل، وأحد الأولين ثابت صحيح، والله أعلم، حسبنا الله تعالى ونعم الوكيل، والحمد لله (3).