فجعلت تعجب مما رأت، ثم انطلقت حتى أتت أهلها فقالوا: [قد] (١) احتبست علينا! فما حبسك؟ قالت: حبسني أني رأيت عجبا من العجب، أرأيتم مزادتي هاتين؟ فوالله لقد شرب منها قريب من سبعين نفرا، وأخذوا من القرب والمزاد والمطاهر ما لا أحصي، ثم لهما الآن أوفر منهما يومئذ، فلبثت شهرا أو نحوا من ذلك عند أهلها، ثم أقبلت في ثلاثين راكبا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأسلمت وأسلموا (٢).
قال المؤلف - عفى الله عنه -: وقد اختلف في نوم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن صلاة الصبح في سفره، فروى مالك في (الموطأ) عن زيد بن أسلم أنه قال: عرس رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ليلة بطريق مكة، ووكل بلالا أن يوقظهم للصلاة...، الحديث (٣).
قال ابن عبد البر: وأظنها قصة واحدة لم يعرض إلا مرة واحدة فيما تدل عليه الآثار، والله أعلم أن بعضها فيه مرجعه من حنين، وبعضها فيه مرجعه من خيبر، لذلك قال ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب في حديثه هذا هو أقوى ما يروى في ذلك، وهو الصحيح إن شاء الله.
وفي حديث ابن مسعود: من يوقظنا؟ فقلت: أنا أوقظكم، وليس في ذلك دليل على أنها غير قصة بلال، لأنه لم يقل له أيقظنا، ويحتمل أن لا يجيبه إلى ذلك ويأمر بلالا.
وقال ابن مسعود في هذا الحديث زمن الحديبية، وهو زمن واحد في عام واحد، لأنه منصرفه من الحديبية مضى إلى خيبر في عامه ذلك ففتحها الله عليه، وفي الحديبية نزلت: ﴿وعدكم الله مغانم كثيرة﴾ (4) يعني خيبر، وكذلك فتحها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على أهل الحديبية.