[ثالثا: رد الشمس بعد غروبها] وأما رد الشمس بعد غروبها بدعاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقد روي من حديث أبي هريرة، وأسماء بنت عميس، وجابر بن عبد الله، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم (1).
(1) (الشفا بتعريف حقوق المصطفى): 185، (مشكل الآثار): 4 / 388 - 389.
* وفيه ما يدل على التغليظ في فوت العصر، فوقى الله عليا ذلك بدعاء النبي (صلى الله عليه وسلم) لطاعته وكرامته لديه.
* وفيه لعلي المقدار الجليل والرتبة الرفيعة.
* وفيه إباحة النوم بعد العصر، وإن كان مكروها عن بعضهم بما روي عن النبي (صلى الله عليه وسلم): " من نام بعد العصر فاختلس عقله فلا يلومن إلا نفسه "، لأن هذا منقطع، وحديث أسماء متصل، ويمكن التوفيق بأن نفس النوم بعد العصر مذموم، وأما نوم النبي (صلى الله عليه وسلم) كان لأجل وحي يوحى إليه، وليس غيره كمثله فيه.
والذي يؤيد الكراهة قول عمرو بن العاص: النوم منه خرق، ومنه خلق، ومنه حمق، يعني الضحى، والقائلة، وعند حضور الصلوات، ولأن بعد العصر يكون انتشار الجن، وفي الرقدة يكون الغفلة.
وعن عثمان: الصبحة تمنع الرزق. وعن ابن الزبير أن الأرض تعج إلى ربها من نومة العلماء بالضحى، مخافة الغفلة عليهم، فندب اجتناب ما فيه الخوف، والله أعلم. (المرجع السابق).
قال بعض المحققين: هذا الحديث ليس بصحيح، وإن أوهم تخريج القاضي عياض له في (الشفاء) عن الطحاوي في (مشكل الآثار) من طريقين، فقد ذكره ابن الجوزي في (الموضوعات):
1 / 355 - 357، وقال إنه موضوع بلا شك، وفي سنده أحمد بن داود وهو متروك الحديث كذاب، كما قال الدارقطني. وقال ابن حبان: كان يضع الحديث.
قال ابن الجوزي: وقد روى هذا الحديث ابن شاهين، فذكره ثم قال: وهذا حديث باطل، قال:
ومن تغفل واضعه أنه نظر إلى صورة فضيلة، ولم يلمح عدم الفائدة فيها، فإن صلاةالعصر بغيبوبة الشمس تصير قضاء، ورجوع الشمس لا يعيدها أداء.
وقد أفرد ابن تيمية تصنيفا مفردا في الرد على الروافض، ذكر فيه الحديث بطرقه ورجاله، وأنه موضوع، والعجب من القاضي عياض مع جلالة قدره، وعلو خطره في علوم الحديث، كيف سكت عنه موهما صحته، ناقلا ثبوته، موثقا رجاله. وقال أحمد: لا أصل له، وتبعه ابن الجوزي فأورده في الموضوعات.
ولكن قد صححه الطحاوي والقاضي عياض، وأخرجه ابن مندره وابن شاهين من حديث أسماء بنت عميس، وابن مردويه من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.
ورواه الطبراني في معجمه الكبير بإسناد حسن، كما حكاه شيخ الإسلام ابن العراقي في شرح التقريب، عن أسماء بنت عميس (المواهب اللدنية) 2 / 528 - 530 مختصرا.