ابن عمران المخزومي، قال: فخرجت ليلة أريد جلسائي أولئك في مجلسهم ذلك، قال: فجئتهم، فلم أجد فيه منهم أحدا، فقلت: لو أني جئت فلانا الخمار، وكان بمكة يبيع الخمر، لعلي أجد عنده خمرا فأشرب منها، قال: فخرجت، فجئته فلم أجده.
قال: فقلت: لو أني جئت الكعبة فطفت بها سبعا أو سبعين، قال: فجئت المسجد أريد أن أطوف بالكعبة، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي، وكان إذا صلى استقبل الشام، وجعل الكعبة بينه وبين الشام، وكان مصلاه بين الركنين: الركن الأسود، والركن اليماني.
قال: فقلت حين أتيته: والله لو أني استمعت لمحمد الليلة حتى أسمع ما يقول، فقلت: لئن دنوت منه أستمع منه لأروعنه، فجئت من قبل الحجر، فدخلت تحت ثيابها، فجعلت أمشي رويدا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي يقرأ القرآن، حتى قمت في قبلته مستقبله، وما بيني وبينه إلا ثياب الكعبة.
قال: فلما سمعت القرآن رق له قلبي فبكيت ودخلني الإسلام، فلم أزل قائما في مكاني ذلك، حتى قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته ثم انصرف، وكان إذا انصرف خرج على دار ابن أبي حسين، وكان طريقه حتى يجزع (1) المسعى، ثم يسلك بين دار عباس بن عبد المطلب، وبين دار ابن أزهر بن عبد عوف الزهري، ثم على دار الأخنس بن شريق، حتى يدخل بيته، وكان مسكنه صلى الله عليه وسلم في الدار الرقطاء (2) التي كانت بيدي معاوية بن أبي سفيان.
قال عمر رضي الله تعالى عنه: فتبعته حتى إذا دخل بين دار عباس ودار ابن أزهر أدركته، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حسي عرفني، فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أني إنما تبعته لأوذيه فنهمني (3) ثم قال: ما جاء بك يا ابن الخطاب هذه الساعة؟ قال:
قلت: لأؤمن بالله وبرسوله، وبما جاء به من عند الله.
قال: فحمد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: قد هداك الله يا عمر، ثم مسح صدري، ودعا لي بالثبات. ثم انصرفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته (4).