بكرسف لأن لا أسمع قولك، ثم أبي الله أن يسمعنيه، فسمعت قولا حسنا فاعرض علي أمرك، قال: فعرض علي الإسلام، وتلا علي القرآن، قال: فوالله ما سمعت قولا قط أحسن ولا أمرا أعدل منه.
قال: فأسلمت وشهدت شهادة الحق، وقلت: يا نبي الله، إني امرؤ مطاع في قومي، وأنا راجع إليهم داعيهم إلى الإسلام، فادع الله أن يجعل لي آية تكن لي عونا عليهم فيما أدعوهم إليه، فقال: اللهم اجعل له آية، فخرجت إلى قومي، حتى إذا كنت بثنية تطلعني على الحاضر، وقع نور بين عيني مثل المصباح، فقلت:
اللهم في غير وجهي، فإني أخشى أن يظنوا أنها مثله وقعت في وجهي لفراقي دينهم.
قال: فتحول، فوقع في رأس سوطي، فجعل الحاضر يتراءون ذلك النور في سوطي كالقنديل المعلق، وأنا أنهبط إليهم من الثنية، حتى جئتهم وأصبحت فيهم، فلما نزلت أتاني أبي وكان شيخا كبيرا فقلت: إليك عني [يا أبت] (1)، فلست منك ولست مني، قال: ولم أي بني؟ قال: قلت أسلمت وتابعت دين محمد، قال:
فديني دينك، واغتسل وطهر ثيابه، ثم جاء فعرضت عليه الإسلام فأسلم.
قال: ثم أتتني صاحبتي فقلت لها: إليك عني، فلست منك ولست مني [قالت] (2) لم؟ بأبي أنت وأمي، قال: قلت: فرق بين وبينك الإسلام، أسلمت وتابعت دين محمد، قال: فديني دينك، فأسلمت، ثم دعوت دوسا إلى الإسلام فأبطئوا علي، ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فقلت: يا نبي الله!
إنه قد غلبني على دوس الزنا (3)، فادع الله عليهم، فقال: اللهم اهد دوسا، إرجع إلى قومك فادعهم وأرفق بهم، فرجعت فلم أزل بأرض دوس أدعوهم إلى الإسلام حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وقضى بدرا وأحدا والخندق، ثم قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن أسلم من قومي، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر، حتى نزلت المدينة بسبعين أو ثمانين بيتا من دوس (4).