جنازة معاوية حتى نظر إليه وصلى عليه، وأين تسخير سليمان عليه السلام الجن يعلمون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات] (1)، من تسخير الله سبحانه جبريل الروح الأمين، الرسول الكريم، [ذي قوة عند ذي العرش مكين] (2)، لمحمد صلى الله عليه وسلم حين نزل على قريش يقاتل يوم بدر، فكان عمل الجن المردة والقردة الكفرة الفسقة لسليمان في أمور الدنيا، وعمل الملائكة المقربين الكرام البررة لمحمد صلى الله عليه وسلم من غير استقصاء، قال تعالى: [إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين] (3)، وقال تعالى: [إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين] (4)، ولم يؤيد الله تعالى نبيا قبل محمد صلى الله عليه وسلم بالملائكة تقاتل معه كما قاتلت يوم بدر كفاحا كقتال الناس.
قال تعالى: [إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان] (5)، فلما نزلت الملائكة يوم بدر للقتال، قال صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه وهو معه في العريش: أبشر يا أبا بكر، أتاك الله بالنصر، هذا جبريل آخذ بعنان فرسه يقوده على ثناياه.... إلى غير ذلك مما قد أوردته بطرقه في أبوابه.
وقد كان سليمان عليه السلام يفهم كلام الطير كما في قصة الهدهد، ويفهم كلام النملة، قال تعالى: [وتفقد الطير فقال مالي لا أرى الهدهد] (6)، وقال تعالى: [قالت نملة يا أيها النمل] (7)، وقال: [يا أيها الناس علمنا منطق الطير] (8)، وقد أعطي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مثل ذلك بزيادات، فكلمته البهائم والسباع، وحن له الجذع، ورغا له البعير، وكلمته الشجر، وسبح الحصا في كفه، وسلم عليه الحجر والشجر، وأقر الذئب بنبوته، [ونطقت] (9) له ذراع الشاة المسمومة، وسخر الطير لطاعته، وشكت إليه الظبية، وكلمه الضب، وقد أوردت ذلك كله بطرقه.
* * *