هم أهل فارس والروم، وبنو حنيفة أصحاب مسيلمة فقاتلهم أبو بكر ثم عمر رضي الله عنهما.
ولم يختلف أحد من أهل القبلة في أن المخلفين من الأعراب لم يدعوا إلى شئ من الحروب بعد توليهم عن النبي صلى الله عليه وسلم، حتى دعوا في زمن أبي بكر إلى قتال أصحاب مسيلمة، ووعد صلى الله عليه وسلم بفتح بيضاء المدائن وأخذ كنوز كسرى، وقال لعدي بن حاتم: لا يمنعنك ما ترى بأصحابي من الخصاصة، فليوشكن أن تخرج الظعينة من الحيرة بغير جوار، فأبصر ذلك عدي بعينه.
وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم حبيبة، وأسلم أبوها أبو سفيان، فزالت العداوة وآلت إلى مودة وصلة، وأطلعه الله تعالى على ما أكنه في الصدور، وأضمر به القلوب، فقال تعالى: [ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم] (1).
وقال: [وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم] (2)، يعني من بعث محمد صلى الله عليه وسلم [ليحاجوكم به عند ربكم] (3)، فأعلم الله نبيه بذلك، وقال: [أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون] (4).
وقال تعالى: [ويحبون [أن يحمدوا] (5) بما لم يفعلوا] (16)، وذلك أن اليهود كتموا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سألهم عنه، وأخبروه بغير الحق، وأوهموه صدقهم ليستحمدوه بذلك، فأعلمه الله بخبرهم.
وقال تعالى: [قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا] (7)، وذلك أن اليهود قالوا: لإخوانهم المنافقين في السير يوم الخندق: على ما تقتلون أنفسكم؟ [هلم] (8) إلينا، ما ترجون من محمد؟ والله ما تجدون عنده خيرا.