أن عدد من مات منهم في الحصار ألف ألف ومائة ألف.
وخرب المدينة والهيكل وأحرق الجميع بالنار، وسار معه منهم نحو مائة ألف نفس، فأفنى الجميع بأنواع القتل، ولم يبق أحد منهم في بيت المقدس، واشتد الأمر على من بقي منهم برومية ونحوها، حتى لم يكن أحد منهم يظهر إلا قتل، وتراجع منهم أناس إلى بيت المقدس فبعث إليهم ملك الروم جيشا قتل معظمهم، ولم يبق منهم إلا من فر.
ثم في سنة سبع وأربعين وأربع مائة للإسكندر أخرب ملك الروم ما بقي بالقدس من العمارة، وقتل عامة من به من يهود، و [بنى] عمودا على باب مدينة القدس ونقش عليه: هذه مدينة إليا، ويعرف اليوم موضع هذا العمود بمحراب داود.
ثم عمر القدس فقدم إليها عدة من اليهود فبعث إليهم ملك الروم عسكرا حصرهم حتى مات أكثرهم جوعا، ثم أخذ المدينة وقتل معظم اليهود، وخربها حتى بقيت صحراء.
وتبع اليهود فاستأصل شأفتهم وأنزل اليونان بالقدس وذلك بعد تخريب طيطش بثلاث وخمسين سنة. ثم جمع اليهود رجل منهم فبعث ملك الروم جيشا فقتلوا أكثرهم.
وفي سنة خمس وعشرون وخمسمائة للاسكندر وقعت حروب بين اليهود والسامرة قتل فيها من الفريقين ما يجل عن الوصف، وفي قسطنطين الأكبر أمر أن لا يسكن يهودي الفرس وأدخل الجميع في دين النصرانية، ثم امتحنهم يوم [الفصح] بأكل الخنزير فلم يأكلوه فقتلهم عن آخرهم.
وما برحت ملوك النصارى بقتلهم أبرح قتل إلى أن كانت أيام هرقل وقد ظهر دين الإسلام فأوقع باليهود في سائر مملكته ببلاد الشام وأرض مصر وأفريقية وقسطنطينية وأعمالها، وقتل جميعهم حتى لم يبق منهم إلا من اختفى أو فر.
وقد أفردت في محن اليهود وما أنزل الله بهم من البلاء الذي تأذن في كتابه العزيز أن يكون عليهم إلى يوم القيامة جزاءا جمعته من كتبهم وكتب النصارى، ليكون أعظم حجة عليهم، فليث شعري، أي تواتر يبقى مع هذه الرزايا المجيحة، والدواهي المبيرة، والمحن التي لا تبقي ولا تذر، إلا أن القوم بهت، وأكثر أصحابنا من الفقهاء