ابن الزبير قال: كان النضر بن الحرث يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتعرض له، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما يريد حاجته نصف النهار وفي حر شديد، فبلغ أسفل ثنية الحجون (1)، فرآه النضر بن الحرث فقال: لا أجده أبدا أخلا منه الساعة فاغتاله.
قال: فدنى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انصرف راجعا مرعوبا إلى منزله، فلقي أبا جهل (2) فقال: من أين الآن؟ قال النضر: اتبعت محمدا رجاء أن أغتاله وهو وحده ليس معه أحد، فإذا أساود (3) تضرب بأنيابها على رأسه، فاتحة أفواهها فهالتني، فذعرت منها ووليت راجعا، فقال أبو جهل: هذا بعض سحره (4).
وقال محمد بن إسحاق عن بعض أهل العلم عن سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه، أن عتبة وشيبة وأبا سفيان بن [حرب]، والنضر بن الحرث، وأبا البختري والأسود بن عبد المطلب، وزمعة بن الأسود، والوليد بن المغيرة، وأبا جهل بن هشام، وعبد الله بن أمية، وأمية بن خلف، والعاص بن وائل، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج، اجتمعوا ومن اجتمع منهم بعد غروب الشمس على ظهر الكعبة فقال بعضهم [إلى بعض] (5): ابعثوا إلى محمد فكلموه وخاصموه حتى تعذروا فيه.
فبعثوا إليه: إن أشرف قومك قد اجتمعوا إليك ليكلموك، قال: فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا وهو يظن أن قد بدا لقومه في أمره بداء، وكان عليهم حريصا يحب رشدهم، ويعز عليه عنتهم، وذكر القصة.
فلما قام عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو جهل يا معشر قريش؟ إن محمدا قد أبي إلا ما ترون من عيب ديننا، وشتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا، وسب آلهتنا، وإني أعاهد الله لأجلسن له غدا بحجر ما أطيق حمله - أو كما قال - فإذا سجد [في صلاته] (5) رضخت به رأسه، فأسلموني عند ذلك أو امنعوني، فليصنع بعد ذلك بنو عبد مناف ما بدا لهم.