وكان يتعانا المزارع والفلاحة، توفي وهو ابن سنة وثمانين سنة، وأسند ثمانية وسبعين حديثا وأحاديثه جيدة. وقد أصابه يوم أحد سهم في ترقوته فخيره رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أن ينزعه منه وبين أن يترك فيه العطبة ويشهد له يوم القيامة، فاختار هذه، وانتقض عليه في هذه السنة فمات منه رحمه الله.
أبو سعيد الخدري هو سعد بن مالك بن سنان (1) الأنصاري الخزرجي، صحابي جليل من فقهاء الصحابة استصغر يوم أحد، ثم كان أول مشاهده الخندق، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثنتي عشرة غزوة، وروى عنه أحاديث كثيرة، وعن جماعة من الصحابة، وحدث عنه خلق من التابعين وجماعة من الصحابة، كان من نجباء الصحابة وفضلائهم وعلمائهم. قال الواقدي وغيره: ما ت سنة أربع وسبعين وقيل قبلها بعشر سنين فالله أعلم.
قال الطبراني: حدثنا المقدام بن داود، ثنا خالد بن نزار، ثنا هشام بن سعيد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري. قال: قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ فقال: (النبيون قلت: ثم أي؟ قال: ثم الصالحون، إن كان أحدهم ليبتلى بالفقر حتى ما يجد إلا السترة - وفي رواية - إلا العباءة أو نحوها، وإن أحدهم ليبتلى بالقمل حتى ينبذ القمل، وكان أحدهم بالبلاء أشد فرحا منه بالرخاء). وقال قتيبة بن سعيد: ثنا الليث بن سعد، عن ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي سعيد الخدري: أن أهله شكوا إليه الحاجة فخرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل لهم شيئا، فوافقه على المنبر وهو يقول: (أيها الناس قد آن لكم أن تستغنوا عن المسألة فإنه من يستعف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله، والذي نفس محمد بيده ما رزق الله عبدا من رزق أوسع له من الصبر، ولئن أبيتم إلا أن تسألوني لأعطينكم ما وجدت ". وقد رواه الطبراني عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد نحوه.
عبد الله بن عمر ابن الخطاب القرشي العدوي. أبو عبد الرحمن المكي ثم المدني أسلم قديما مع أبيه ولم يبلغ الحلم وهاجرا وعمره عشر سنين، وقد استصغر يوم أحد، فلما كان يوم الخندق أجازه وهو ابن خمس عشرة سنة فشهدها وما بعدها، وهو شقيق حفصة بنت عمر أم المؤمنين، أمهما زينب بنت مظعون أخت عثمان بن مظعون، وكان عبد الله بن عمر ربعة من الرجال آدم له جمة تضرب إلى منكبيه جسيما يخضب بالصفرة ويحفى شاربه، وكان يتوضأ لكل صلاة ويدخل الماء في أصول عينيه، وقد أراده