وقال جعفر قال ميمون: في المال ثلاث آفات، إن نجا صاحبه من واحدة لم ينج من اثنتين، وإن نجا من اثنتين كان قمينا أن لا ينجو من الثالثة، ينبغي أن يكون حلالا طيبا، فأيكم الذي يسلم كسبه فلم يدخله إلا طيبا؟ فإن سلم من هذه فينبغي أن يؤدي الحقوق التي تلزمه في ماله، فإن سلم من هذه فينبغي أن يكون في نفقته ليس بمسرف ولا مقتر. وقال: سمعت ميمونا يقول: أهون الصوم ترك الطعام والشراب. وقال عبد الله بن أحمد: حدثنا يحيى بن عثمان الحربي، حدثنا أبو المليح، عن ميمون بن مهران قال: ما نال رجل من جسيم الخير نبي أو غيره إلا بالصبر. وبهذا الاسناد قال: الدنيا حلوة خضرة قد حفت بالشهوات، والشيطان عدو حاضر، فيظن أن أمر الآخرة آجل، وأمر الدنيا عاجل. وقال يونس بن عبيدة: كان طاعون قبل بلاد ميمون بن مهران، فكتبت إليه أسأله عن أهله، فكتب إلي: بلغني كتابك تسألني عن أهلي، وأنه مات من أهلي وخاصتي سبعة عشر إنسانا، وإني أكره البلاء إذا أقبل، فإذا أدبر لم يسرني أنه لم يكن، وأما أنت فعليك بكتاب الله، فإن الناس قد بهتوا عنه - يعني أيسوا - واختاروا الأحاديث، أحادث الرجال، وإياك والمرائي في الدين. قال أبو عبيد في الغريب بهئوا به مهموزا، ومعناه: أنسوا به.
وقال عمر بن ميمون: كنت مع أبي ونحن نطوف بالكعبة فلقي أبي شيخ فعانقه، ومع الشيخ فتى نحو مني، فقال له أبي: من هذا؟ قال: ابني. فقال: كيف رضاك عنه؟ فقال: ما بقيت خصلة يا أبا أيوب من خصال الخير إلا وقد رأيتها فيه، إلا واحدة. قال: وما هي؟ قال: أن يموت فأوجر فيه - أو قال فأحتسبه - ثم فارقه أبي، فقلت: من هذا الشيخ؟ فقال: مكحول. وقال: شر الناس العيابون، ولا يلبس الكتان إلا غني أو غوي.
وروى الإمام أحمد عنه قال: يا بن آدم خفف عن ظهرك فإن ظهرك لا يطيق كل هذا الذي يحمل، من ظلم هذا، وأكل مال هذا، وغشم هذا، وكل هذا على ظهرك تحمله، فخفف عن ظهرك. وقال: إن أعمالكم قليلة فأخلصوا هذا القليل. وقال: ما أتي قوم في ناديهم المنكر إلا حق هلاكهم. وروى عبد الله بن أحمد عنه أنه قرأ (وامتازوا اليوم أيها المجرمون) [يس: 59] ثم فارق حتى بكى، ثم قال: ما سمع الخلائق بنعت قط أشد منه. وقال أبو عوانة: حدثنا إبراهيم بن عبد الله، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا خالد، عن حصين بن عبد الرحمن عن ميمون قال: أربع لا تكلم فيهم: علي، وعثمان، والقدر، والنجوم. وقال: احذروا كل هوى يسمى بغير الاسلام.
وروى شبابة عن فرات بن السائب قال: سألت ميمون أعلي أفضل عندك أم أبو بكر وعمر؟
فارتعد حتى سقطت عصاه من يده ثم قال: ما كنت أظن أن أبقى إلى زمان يعدل بهما غيرهما، إنهما كانا رداءي الاسلام، ورأس الاسلام، ورأس الجماعة. فقلت: فأبو بكر كان أول إسلاما أم علي؟ فقال: والله لقد آمن من أبو بكر بالنبي (صلى الله عليه وسلم) زمن بحيرا الراهب حين مر به، وكان أبو بكر هو