أحدكم فيجيب ولا يلتفت، فانقلبوا بصالح ما بحضرتكم، إن هذا الحق أجهد الناس وحال بينهم وبين شهواتهم، وإنما يصبر على هذا الحق من عرف فضله وعاقبته. وقال: لا يزال العبد بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة من همته.
وقال ابن أبي الدنيا في محاسبة النفس: حدثنا عبد الله، حدثنا إسماعيل بن زكريا، حدثنا عبد الله ابن المبارك، عن معمر، عن يحيى بن المختار عن الحسن قال: المؤمن قوام على نفسه يحاسب نفسه لله عز وجل، وإنما خف الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شق الحساب يوم القيامة على أقوام أخذوا هذا الامر من غير محاسبة، إن المؤمن يفجأه الشئ ويعجبه فيقول: والله إنك لمن حاجتي وإني لأشتهيك، ولكن والله ما من صلة إليك، هيهات حيل بيني وبينك، ويفرط منه الشئ فيرجع إلى نفسه فيقول: ما أردت إلى هذا أبدا إن شاء الله: إن المؤمنين قوم قد أوثقهم القرآن وحال بينهم وبين هلكتهم، إن المؤمن أسير في الدنيا يسعى في فكاك رقبته، لا يأمن شيئا حتى يلقى الله عز وجل، يعلم أنه مأخوذ عليه في سمعه وبصره ولسانه، وفي جوارحه كلها. وقال:
الرضا صعب شديد، وإنما معول المؤمن الصبر. وقال: ابن آدم عن نفسك فكايس، فإنك إن دخلت النار لم تجبر بعدها أبدا. وقال ابن أبي الدنيا: أنبأ إسحاق بن إبراهيم قال: سمعت حماد بن زيد يذكر عن الحسن قال: المؤمن في الدنيا كالغريب لا ينافس في غيرها ولا يجزع من ذلها، للناس حال وله حال، الناس منه راحة، ونفسه منه في شغل. وقال: لولا البلاء ما كان في أيام قلائل ما يهلك المرء نفسه. وقال: أدركت صدر هذه الأمة وخيارها وطال عمري فيهم، فوالله إنهم كانوا فيما أحل الله لهم أزهد منكم فيما حرم الله عليكم، أدركتهم عاملين بكتاب ربهم، متبعين سنة نبيهم، ما طوى أحدهم ثوبا، ولا جعل بينه وبين الأرض شيئا، ولا أمر أهله بصنع طعام، كان أحدهم يدخل منزله فإن قرب إليه شئ أكل وإلا سكت فلا يتكلم في ذلك. وقال: إن المنافق إذا صلى صلى رياء أو حياء من الناس أو خوفا، وإذا صلى صلى فقرأهم الدنيا، وإن فاتته الصلاة لم يندم عليها ولم يحزنه فواتها.
وقال الحسن فيما رواه عنه صاحب كتاب النكت: من جعل الحمد لله على النعم حصنا وحابسا وجعل أداء الزكاة على المال سياجا وحارسا، وجعل العلم له دليلا وسائسا، أمن العطب، وبلغ أعلى الرتب. ومن كان للمال قانصا، وله عن الحقوق حابسا، وشغله وألهاه عن طاعة الله كان لنفسه ظالما ولقلبه بما جنت يداه كالما، وسلطه الله على ماله سالبا وخالسا، ولم يأمل العطب في سائر وجوه الطلب وقيل: إن هذا لغيره، والله أعلم.
وقال الحسن: أربع من كن فيه ألقى الله عليه محبته. ونشر عليه رحمته: من رق لوالديه، ورق لمملوكه، وكفل اليتيم، وأعان الضعيف. وسئل الحسن عن النفاق فقال: هو اختلاف السر والعلانية والمدخل والمخرج، وقال: ما خافه إلا مؤمن، ولا أمنه إلا منافق - يعني النفاق - وحلف