وحدثها الواشون أني هجرتها * فحملها غيظا علي المحمل فقالت له عائشة: قد جعلتني خلة ولست لك بخلة، وهلا قلت كما قال جميل فهو والله أشعر منك حيث يقول:
يا رب عارضة علينا وصلها * بالجد تخلطه بقول الهازل فأجبتها بالقول بعد تستر * حبي بثينة عن وصالك شاغلي لو كان في قلبي بقدر قلامة * فضل وصلتك أو أتتك رسائلي فقال: والله ما أنكر فضل جميل، وما أنا إلا حسنة من حسناته، واستحيا. ومما أنشده ابن الأنباري لكثير عزة:
بأبي وأمي أنت من معشوقة * طبن العدو لها فغير حالها ومشى إلي بعيب عزة نسوة * جعل الآله خدودهن نعالها الله يعلم لو جمعن ومثلت * لاخذت قبل تأمل تمثالها ولو أن عزة خاصمت شمس الضحى * في الحسن عند موفق لقضى لها وأنشد غيره لكثير عزة:
فما أحدث النأي الذي كان بيننا * سلوا ولا طول اجتماع تقاليا وما زادني الواشون إلا صبابة * ولا كثرة الناهين إلا تماديا غيره له:
فقلت لها يا عز كل مصيبة * إذا وطنت يوما لها النفس ذلت هنيئا مريئا غير داء مخامر * لعزة من أعراضنا ما استحلت وقال كثير عزة أيضا وفيه حكمة أيضا:
ومن لا يغمض عينه عن صديقه * وعن بعض ما فيه يمت وهو عاتب ومن يتتبع جاهدا كل عثرة * يجدها ولا يبقى له الدهر صاحب وذكروا أن عزة بنت جميل بن حفص أحد بني حاجب بن عبد الله بن غفار أم عمرو الضمرية وفدت على عبد الملك بن مروان تشكو إليه ظلامة فقال: لا أقضيها لك حتى تنشديني شيئا من شعره، فقالت: لا أحفظ لكثير شعرا، لكني سمعتهم يحكون عنه أنه قال في هذه الأبيات:
قضى كل ذي دين علمت غريمه * وعزة ممطول معنى غريمها فقال: ليس عن هذا أسألك ولكن أنشديني قوله:
وقد زعمت أني تغيرت بعدها * ومن ذا الذي يا عز لا يتغير تغير جسمي والمحبة كالذي * عهدت ولم يخبر بذاك مخبر