عن ابن عائشة، قال: أتى الوليد بن عبد الملك رجل من الخوارج فقيل له: ما تقول في أبي بكر وعمر؟ فأثنى خيرا، قال فعثمان؟ فأثنى خيرا، قيل له: فما تقول في علي؟ فأثنى خيرا، فذكر له الخلفاء واحدا بعد واحد، فيثني على كل بما يناسبه، حتى قيل له: فما تقول في عبد الملك بن مروان؟ فقال: الآن جاءت المسألة، ما أقول في رجل الحجاج خطيئة من بعض خطاياه؟
وقال الأصمعي عن علي بن مسلم الباهلي قال: أتي الحجاج بامرأة من الخوارج فجعل يكلمها وهي لا تنظر إليه ولا ترد عليه كلاما، فقال لها بعض الشرط: يكلمك الأمير وأنت معرضة عنه؟
فقالت: إني لأستحي من الله أن أنظر إلى من لا ينظر الله إليه، فأمر بها فقتلت. وقد ذكرنا في سنة أربع وتسعين كيفية مقتل الحجاج لسعيد بن جبير، وما دار بينهما من الكلام والمراجعة.
وقد قال أبو بكر بن أبي خيثمة: ثنا أبو ظفر، ثنا جعفر بن سليمان، عن بسطام بن مسلم، عن قتادة قال قيل لسعيد بن جبير: خرجت على الحجاج؟ قال: إني والله ما خرجت عليه حتى كفر، ويقال إنه لم يقتل بعده إلا رجلا واحدا اسمه ماهان، وكان قد قتل قبله خلقا كثيرا، أكثرهم ممن خرج مع ابن الأشعث. وقال أبو عيسى الترمذي: ثنا أبو داود سليمان بن مسلم البلخي، ثنا النضر بن شميل، عن هشام بن حسان قال: أحصوا ما قتل الحجاج صبرا فبلغ مائة ألف وعشرين ألفا. قال الأصمعي: ثنا أبو صم، عن عباد بن كثير، عن قحدم قال: أطلق سليمان بن عبد الملك في غداة واحدة أحدا وثمانين ألف أسير كانوا في سجن الحجاج، وقيل إنه لبث في سجنه ثمانون ألفا منهم ثلاثون ألف امرأة وعرضت السجون بعد الحجاج فوجدوا فيها ثلاثة وثلاثين ألفا، لم يجب على أحد منهم قطع ولا صلب، وكان فيمن حبس أعرابي وجد يبول في أصل ربض مدينة واسط، وكان فيمن أطلق فأنشأ يقول:
إذا نحن جاوزنا مدينة واسط * خرينا وصلينا بغير حساب (1) وقد كان الحجاج مع هذا العنف الشديد لا يستخرج من خراج العراق كبير أمر، قال ابن أبي الدنيا وإبراهيم الحربي: ثنا سليمان بن أبي سنح، ثنا صالح بن سليمان قال قال عمر بن عبد العزيز: لو تخابثت الأمم فجاءت كل أمة بخبيثها وجئنا بالحجاج لغلبناهم، وما كان الحجاج يصلح لدنيا ولا لآخرة لقد ولي العراق وهو أوفر ما يكون في العمارة، فأخس به إلى أن صيره إلى أربعين ألف ألف، ولقد أدى إلي عمالي في عامي هذا ثمانين ألف ألف، وإن بقيت إلى قابل رجوت أن يؤدى إلى ما أدي إلى عمر بن الخطاب مائة ألف ألف وعشرة آلاف ألف. وقال أبو بكر بن المقري:
ثنا أبو عروبة ثنا عمرو بن عثمان، ثنا أبي: سمعت جدي قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطاة: بلغني أنك تستن بسنن الحجاج فلا تستن بسننه، فإنه كان يصلي الصلاة لغير وقتها، ويأخذ